حرص سعيد على التنقل شخصيا إلى الإمارات للتعزية في وفاة رئيسها.. والتركيز على إظهار حرارة زائدة في حبه لمسؤولي الإمارات.. والتغطية المبالغ فيها للزيارة في صفحة الرئاسة ( تغطية للمغادرة.. ثم لتفاصيل الزيارة.. ثم للعودة).. كل ذلك يؤكد أننا بصدد ديبلوماسية تسوّل علني.
من دون فلسفة زائدة.. الإمارات دولة/عصابة ذات طموح إقليمي ودولي استعماري.. وهي تملك الأداتين الكبريين للهيمنة الإقليمية : السيولة المالية والميليشيات المرتزقة. تدخلها الميداني في اليمن وهيمنتها على الموانئ مثال بسيط على طبيعة هذا الكيان.
إذا أضفنا إلى كل هذا قيادتَها المعلنة لسياسة فرض التطبيع مع الكيان العنصري على كل شركائها من العرب.. نفهم نهائيا أنها "دولة"/أداة في يد الاحتلال.. ونفهم أنها العدوّ الأكبر في المنطقة للتحولات الديمقراطية التي قد تنتهي بقيام دولة المواطنة الحرة والاستقلال الوطني الحقيقي.
لماذا تتلكّأ إذن في دعم انقلاب سعيّد لتنتصب فاعلا رئيسيا في تونس وفي شمال افريقيا...؟
لأن تونس ما تزال بؤرة نزاع دولي محتدم بين فاعلين كبار يمتلكون جميعا أدوات تأثير متوازنة : أمريكا وتركيا وقطر من جهة.. مقابل روسيا.. وبينهما فرنسا والإمارات.. ومصر.
الكيان العنصري هو الأخطبوط الذي يمتلك أصابع مع كل الأطراف. المحصّلة.. الانقلاب الرثّ زجّ بنا في قاع المستنقع.