أهمّ خلاصة أسفرت عنها الحرب على غزة وعبّرت عنها لحظة الإمضاء على اتفاقية وقف العدوان هي أن "المقاومة غير قابلة للكسر ". وهي "مقاومة لا تهزم". وهذه خلاصة مرعبة لا تحتاج إلى دليل عليها لكونها نتيجة حرب إبادة لأكثر من سنة ونصف فتحت فيها الولايات المتحدة مال الغرب وسلاحه في خدمة الكيان. وأكثر جهة استخلصت هذه النتيجة ومعنية بها قبل غيرها هي الكيان وشركاؤه في الإبادة.
وهي نتيجة توجه سلوك الكيان وشركاؤه أيضا حتّى بعد أن حلّ "المڤربع مكان المزهمر" في إدارة المحافظين الزعران والدولة العايقة.
وفي سياق هذه الخلاصة يأتي توسيع العدوان في جنين.
حرب شاملة تخاض ضدّ الضفة ضمن خطة تجمع بين معطيات العقيدة الصهيونية (يهودا والسامرة) وضغوط الهزيمة في غزة وتداعياتها على ائتلاف الإجرام وعلى مؤسسات الكيان العنصري السياسية.
وتتمثل خطورة الخلاصة على الكيان في ارتباطها بالطوفان وباليوم الأوّل منه. يوم تمّ تقويض "فرقة غزة"، ويوم قام في وجه الكيان "تهديد المقاومة الوجودي" كما لم يقم منذ 75 سنة من الصراع والنظام العنصري الاستيطاني الإحلالي.
ولذلك جاء هدف العدوان مضاعفا: القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى. فاجتمع عليه بعد سنة ونصف خطران متلازمان: تهديد وجودي من مقاومة لا تنهزم.
وزاد مشهد تسليم المقاومة للأسيرات الثلاث من تثبيت الإجابة عن سؤال وإسقاط آخر: الإجابة عن "سؤال المنتصر؟"، وإسقاط "سؤال اليوم التالي؟ بأنّه لا يوجد "يوم تالي" (برّه روح يعيش ولدي!!)…غزة لأهلها ومقاومتها.
ذكّرني موضوع "اليوم التالي" وحسم أمره ميدانيا بيوم سقوط نظام الإجرام في سوريا عندما طالب "اجتماع العقبة" المشبوه بتطبيق القرار الأممي 2254 حول سوريا فأجابهم السوريون: هل نستدعي بشار الفار من موسكو للتفاوض معه؟!!
حسم المعارك معنى مشترك بين الانتصارات الاستراتيجية الفعلية. وهي مما وعد به الله رسوله.
لا يوجد في غزة، رغم الدمار الشامل والجراح الغائرة والحصار المتواصل، إلاّ المقاومة بين أهلها.
لقد وقفنا يوم التسليم التاريخي بساحة السرايا على صورة بديعة معجزة. رأينا فيها "مفهوم المقاومة العضوية" الذي نحتنا متحيّزا، رغم أنّ المفهوم لا يتحيّز عند المتكلمة والمتفلسفة. فالفعل عندهم غير حقيقي وليس للحقيقي وجود فعلي.
عشنا تحيّزا للمقاومة العضوية أبلغ من تحيز العقل الذي توهّمه صاحب الفلسفة الكلية يوما على صهوة جواد.
خلاصة رابعة وردت على لسان الملثّم، في آخر كلمة له بعد غياب، وهي خلاصة تنتمي إلى مجال الاستراتيجيا والرؤية العامة مطلوب التوقف عندها. فقد شدّد الملثّم على أنّ الكيان لا يمكن أن يكون موضوعا للدمج هو موضوع للإزالة وحسب. وهذه نتيجة مباشرة للمنازلة التاريخية التي شهد العالم أطوارها لحظة بلحظة، لذلك هي ليست تذكيرا بمبدأ على أهمية المبادئ وقيمتها في مثل هذه الصراعات الوجودية. ومنها عدم الاعتراف بالكيان الغاصب.
فالنتيجة واحدة، ولكن الفرق كبير بين تمثّلها باعتبارها فكرة مجرّدة (وهذا مهم ونبيل) وبين أن تُستَخلص من أتون معركة مازال غبارها يحجب الميدان.
إذن هي أربع خلاصات:
-تهديد وجودي (7 أكتوبر)
-من مقاومة لا تنهزم
-ولا "يومٌ تالِياً" إلا يوم غزّة ومقاومتها.
-وهذا كيان للإزالة وليس للدمج.
وخاتمة كلّ هذا الحاجة الملحة إلى عنوان سياسي فلسطيني جامع على قاعدة المقاومة في هذا المستوى من المنازلة، وهو ما ورد إشارةً عابرة في خاتمة كلمة الملثّم…
يجتمع الأعداء ويتحفّزون ويستعدون للجولة القادمة وقد بدأوها بتكثيف الهجوم على الضفة، ولكن سيأتيهم الله من حيث لم يحتسبوا…ويذوب "جدارهم الحديدي" الذي بنَوا…