كان أبناء وطني يريدون إبلاغ رأيهم حتى و إن كان باهتا سطحيا لا أثر له.، فيجد أولائك المسيّرون للنظام ذلك الموقف أو تلك الحركة سبيلا للتنكيل و ترهيب الموطنين، فيعمّ الأمن المغشوش. وهكذا يزدهي الحاكم المستبدّ و ينام قرير العين. فالشّعب يسبّح بنعم الله التي أسبغها عليهم.
كان زمان، و انتهى عصر الصّندقة الحكمية للتفكير، و أصبح المواطن يحضر في أنحاء البلاد ندوات فكرية و لقاءات أدبية و منتديات فلسفية، ولم تعد تلك الفضاءات بهرجة تلميعية للحاكم و حاشيته الفاسدة.
الفكر الحرّ هو الطٍّريق إلى تحقيق إنسانية الإنسان. و لا خلاص لشعوب العصا و الجزرة إلاّ بإلقائهم في بحر التفكير غير المعلّب، سيتعلّمون أنّ التّجديف بالأراء يساعد على مصارعة الفكرة للفكرة بدل مصارعة الأجساد بالعصي و أشياء أخرى.و يمكن أن نتعلّم أن نعيش فيه و أن نتطوّر مع بعضنا.
فقط ما يجب أن نبتعد عنه فعلا هو أن نعتبر الغير عدوّا لنا. لا يوجد عدوّ للإنسان إلاّ الجهل و التّعصّب و الغلو في الأراء. الأخر هو وجهنا الّذي لا نريد أن نكون مثله ولكن وجب أن نتعامل معه و أن نعيش في مسار تفاعلي مشترك.