أحبّك يا شعب…

Photo

يعرف المتابعون للشأن العام أنّ صاحب القرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي يحتاج إلى المجتمع المدني ممثلا في الأحزاب و النقابات و الجمعيات كي يقدر على تجميع معلومات قريبة من الشّعب.ذلك المجتمع المدني هو حلقة الوصل الوحيدة بين الحاكم و المحكوم،

و قد تكون النقابات بكل أصنافها و اختلاف مواطن عملها ذات إشعاع جماهيري و مهني ومالي. فهي تمثّل قوّة عددية من حيث المنخرطون، و قوّة علمية معرفية مختصة في مجال نشاطها، و قوّة مالية من حيث المعاليم المقتطعة من الأجور. و تحاول تلك النقابات جاهدة أن تساهم في التنسيق بين الطّرفين وهما المؤجّر و الأجير و تساعد على التوعية بضرورة المحافظة على نسق العمل و دوامه و التقيّد بالقوانين المنظمة للعلاقة الشغلية.

تحظى النقابات بتقدير المجتمع المتحضّر في كل دول العالم، ولا يقتصر دورها على التّصدّي لكل ما من شأنه أن يكون تعدّيا على حقوق العمّال و الدّفاع عنهم وفق ما يضبطه القانون؛ بل هي توفّر برامج تكوين متواصل تعرّف القواعد المتحرّكة بواجباتهم المهنية و الأخلاقية و ضرورة محافظتهم على مصدر الشّغل.

يمثّل عدد المنخرطين في النقابات رقما مهمّا في التوازنات السّياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، فهم -المنخرطون- يمثّلون قوة تمثيلية قادرة على المساهمة الفعلية في تنمية البلاد و المحافظة على مواطن الشّغل و تحسين ظروف العمل.

ينحصر العمل النقابي في مجالين مهمّين وهما المجال الاقتصادي و الاجتماعي، وهما من روافد التنمية المستدامة، و لا يمكن تجاهل هذين المجالين أو المحاولة في التّحكم فيهما أو التّسلط عليهما. و أثبتت جميع المحاولات القمعية فشلها. فالنقابات هي المحرّك النشيط المساعد على سهولة دوران عجلة الاقتصاد و استقرار المجتمع.

تقدّم النقابات في إطار وظيفتها الاجتماعية مجموعة من الخدمات ذات الكلفة المنخفضة لأنّها تقتطع من أجور منخرطيها معاليم مادّية دائمة، فيتوفّر لديها سيولة مالية يمكن أن تستثمرها في شكل صناديق أو تعاونيات، أو تحريكها في السّوق المالية و تداولها في مشاريع عقارية أو خدماتية أو اجتماعية تساهم في دفع الدّورة الاقتصادية.

تشمل الخدمات الّتي يمكن للنقابات أن توفّرها لمنخرطيها، ميادين الصّحة ببناء مراكز استشفائية أو المساهمة المالية في علاج المرضى داخليا أو خارجيا. أما في ميدان التعليم فهي قادرة على مساعدة المنخرطين على التخفيف من أعباء العودة المدرسية أو الرّسوم الجامعية أو معاليم الدّراسة في الخارج.

وقد يصل الأمر إلى المساعدة على مؤازة الرّاغبين في الزواج أو الحصول على قطعة أرض أو مسكن لائق أو شراء التجهيزات بثمن منخفض.

إنّ النقابات تجد مناعتها في انتمائها إلى المجتمع المدني الّذي يسعى إلى تقدّم الوطن في الجانبين الاقتصادي و الاجتماعي. و يبدو أنّ إهمال تلك الوظائف المنوطة بعهدة الممثلين الشرعيين للمنخرطين و انحيازهم إلى القضايا السياسية السّاخنة أربك العمل النقابي و جعله ينحصر في المطلبية المجحفة و لعب دور المعطّل لمرافق العمل العمومي أو الخاص. وهو ما ليس من أدبيات وجودها أو حكمة الرّواد من صنعها رافدا أساسيا للتنمية المستدامة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات