حقّ الحياة

Photo

لست عارفا لماذا يعمل ساسة الدّول المتقدّمة من أجل مصلحة بلدانهم؟ ما الّذي يجعلهم يضعون كل جهودهم لحلّ مشاكل الحكم؟ هل المواطن في تلك البلدان نزل من خيرة أرحام النّساء؟ أسئلة كثيرة تدور بذهن يريد أن يفهم لماذا توقّف كل تفكير السياسي العربي في توفير الرّغيف و القليل من الماء؟

هذه الأيّام حلب تشتعل، و الكلّ ضد الكلّ نصرة لفريق على فريق آخر. و يتدخّل الأجنبي بكلّ ثقله كي يساند أو يدعم. و يظلّ المكان مشتعلا مدمّرا، و تتلقّف الأذن خبر الفرح عند المنتصرين و ترى العين صورا تكذّب النجاحات العسكرية للمنافس.

جميع بلدان العرب تعيش على حالة من الضعف و الوهن. فما يحرّك دورتها الاقتصادية هو معدة تحتاج إلى الأرز و الكسكسي و الحليب و المكسّرات. ولعلّ الومضات الإعلانية تنقل تهافت المواطنين العرب على شراء الأغذية البطنية و مشاهدة برامج الإثارة و الجنس.

لماذا السّياسي العربي ليس له مشروع مجتمعي يجعل التّقدّم العلمي و الحضاري و الصناعي أهدافا قابلة للتحقّق؟ هل العربي غبيّ في بلاده عالم ذائع الصّيت في بلدان الغرب؟ العربي ذلك الوديع في بلاده الخانع لسلطة القمع يتحوّل إلى وحش كاسر يقتل دون رأفة في وسائل الإعلام.

ربّما يكون اختيار نخب الشّعوب الفكرية للخمول و الترف الفكري إحدى الأسباب الرّئيسية. فهي تعمل على التوجّس خيفة من التواصل مع أبناء الشّعب السّاذج. بل يوجد من أبناء الطبقات الكادحة من يفهم الحياة و تسييرها أفضل من مفكّر يتلاعب بالألفاظ دون دراية بواقع المحرّكات الحقيقية التي تغير نموذج العيش.

لا شكّ أنّ للأسطورة دورا في المخيال الشّعبي، فخطابهم قائم على العجيب، و نصيحتهم مبنية على الرّجاء ، و عيشهم يستوي في تبعية غير واعية. و يبدو أنّ سلطان الحكم استطاع أن يجعل بينهم و بين المعرفة اليقينية حاجزا لا تقطعه إلاّ الوجيعة الشّديدة. فيذهب عندها للطبيب أو القاضي أو المدرّس.

بلاد العرب يسكنها بوم الدّروشة ، و يعشش فيها طوفان الخديعة، و لا يزورها إلاّ من كان يجيد التلاعب بمصيرهم. فهم يمقتون كلّ من يحرّك سكينتهم فهم الأموات في بلد الأحياء.

حروب حروب حروب هي نوعان حرب من أجل هضم الطّعام و حرب من أجل الحصول على الطّعام. و الموت بينهما يرصد الإثنان. مازالت شهوة الجهل تغذّي العقول الخاوية.

متى يصبح الطّعام آخر همّنا؟ متى يصبح العقل مطيّة الحوار بدل الأيادي و الرّصاص؟ متى نرتقي إلى مصاف الحضارات الّتي تجعل التّفكير بدل التفجير هدفا في برامجها التعليمية؟ متى ثمّ متى؟ ولكن كيف أليست أفضل لبداية المسير؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات