طلع البارحة بيان لطرف اجتماعي يعنى بالتفتيش التربوي. وهو ردّ على بيان طرف اجتماعي يعنى المدرّسين. عركة البيانات الصّديقة. هي تتويج لمسار من الخلاف على أحقيّة كل طرف في الاستحواذ على سلطة القرار.
الثابت أنّ الجماعتين تعرف أنّ الجمهور في غالبه يفهم معنى التّسلّل في الكرة و يحلل مبادئ حصوله و امتناعه؟، غير أنّ مفهوم التقييم و التقويم و التّعليم و التعلّم و الزمن المدرسي و الهدر لا يفقه منها إلاّ نجح أو رسب. هذا الفقر في فقه التعليم و التعلّم لدى الجمهور يجعل مسألة كتابة البيانات تحدث فرقعة ولا تجلب مضرّة. فالقارئ في أحسن حالة سيفهم أنّ مشكلا يحدث. والولي متى ينجز ابنه أو ابنته الفرض؟
ولذلك فإنك عندما تقرأ في بيان الطرّف التفتيشي"يذكّرون أنّ التغييرات الحاصلة في الزّمن المدرسي هذه السّنة كانت من مخرجات لجنة الزّمن المدرسي". هؤلاء الذّين يذكّرون. هم أقدر جهاز على المحافظة على تطبيق القوانين السّاري بها العمل في مجال التربية. وهم يعرفون أنّ قانون 80لسنة 2002 الّذي لم يقع إبطاله أو تنقيحه ينصّ في الفصل 24:
يضبط بأمر تنظيم التعليم الأساسي وكذلك برامجه وتوقيت الدراسة " . فهل لجنة الزمن المدرسي هيكل تشريعي يقرّ القوانين؟ ومامعنى تغييرات. وهي لا تتوفرعلى سند قانوني .ربّما لإيهام الرّاي العام؟
و لا يكفي تجاهل القوانين السّارية، بل " إنّهم يعتبرون أنّ ما أنجزوه أثناء عطلتهم السنوية من توزيعيات بدعوة من الوزراة…" هذا الكلام يعبّر عن خروج عن مشمولاتهم المنصوص عليها في الفصل 11 من أمر عدد 2348 لسنة 2001 الّذي يضع لهم مهمّة متابعة تطبيق البرامج و التوجيهات الرّسمية" و لا يعطيهم صلاحية الاجتهاد فيها. وهو ما عابته عليهم نقابة المدرّسين.
إنّ التوقف على مسألة المفاهيم المتداولة في البيان التفتيشي تثير استغرابا شديدا فهل يعقل أنّ جهازا مكلّفا بالمتابعة و التأطير و التكوين لا يميّز جيّدا بين قيّم بمعنىévaluer ; و قوّم بمعنى valoriser هذه اللخبطة في استعمال مصطلح وهو التقويم والحال أنّه يستعمل قيّم و يقصد به تقييم مكتسبات المتعلّمين.
إن استغفال القارئ أو المتابع لا يمكن أن يرتقي بالمنظومة التربوية. و التخندق في مواقع القرار دون دراية كافية بعلم التعليم من أطر نظرية ومقاربات و طرائق و مفاهيم إجرائية كالتقييم و التقويم و النقل التعليمي و العقد التعليمي و غيرها يثير مخاوف من ضياع الزّمن الكفيل بتعليم أبناء الشّعب و تقييم معارفهم و الإشهاد لهم بذلك من طرف سلطة رسمية نافذة. و عراك الدّيكة لا يفيد. و الواجب يحتّم الإسراع بالتّوجه إلى مجلس النواب و استصدار قوانين ملزمة تنشر في الجريدة الرّسمية كي يقع إطفاء نيران الشّك في المدرسة العمومية.
و إلى متى ستظل سلطة القرار التربوي محكومة بشهوات المفتّشين التربويين؟ فهم ليسوا الأقدر و بانت كلّ مرّة خوارق فشلهم التأطيري و التكويني و الاستشرافي منذ تسعينات القرن الماضي.