جرت العادة في أعمالنا اليومية الّتي يغيب فيها النّظام العقلي أنّ نسمّيها بالبعلي، أي ليس لها تصوّر واضح و ترتيب سابق، بل هي أقرب إلى الارتجال.إن لم نقل العشوائية. وقد يكون ذلك العمل صائبا بنسبة معيّنة إلاّ أنّه في جميع الحالات يجرّ الخسارة المادّية وضياع الوقت.
و يبدو أنّ جميع ما يطلق عليهم تجوّزا "خبراء تربية" تركوا جميع مشاكل التعليم، و قصروا نظرهم في مسألة الزّمن المدرسي. هذا الغول الأزلي الّذي لا زم تعليمنا وحرق براعم العقول. وهاهم يعقدون "النيّة" على رأي صاحب طابع النقابة في اتّجاه توزيع زمني متّفق عليه. الزّمن التعليمي أضحى مسألة توافقات سريالية بين أطراف لا تدخل المدرسة إلاّ لأخذ صور تعرض في نشرة الثامنة للأخبار.
يدرس المتعلّم في فلندا 22 ساعة أسبوعيا و ترتيبها من الأوائل عالميا. والأهمّ أنّ الحاصل التعليمي التعلّمي في مكتسباته الأساسية في نسب قياسية. و يدرس متعلّمنا 32 ساعة أسبوعيا و ترتيبنا لا فائدة في الإحراج. و الحاصل التعليمي التّعلمّي في أدنى درجاته. هي مفارقة تعكس أنّ "خبراء المايوناز" اعتقدوا أنّ تجاوز مشكل تدنّي التعليم في بلدنا قد يمكن حلّه بالإكثار من السّاعات التعليمية، و في طريق ذلك القضاء على بطالة أصحاب الشّهائد.
وقع إقرار حصّة بـ40 دقيقة في فلندا، و يقوم المتعلم فيها بأنشطة معرفية ومهارية و مواقفية في إطار التعلّم التعاوني أو الفردي أو الجماعي، وساهم تكوين المدرّسين في تنويع طرائق التعلم حسب حاجات المتعلّم أو انتظاراته. فالشّعار المرفوع عندهم " كلّ متعلّم مهمّ"، و أسهم نظام التقييم المفتوح غير الجزائي في اختزال عملية التعليم و التّعلم في بحث متواصل عن المعرفة و امتلاكها و التفاعل بها و إنتاجها.
تدوم حصّة التعليم 55دقيقة عندنا، ويقوم المتعلّم فيها بتلقّي المعرفة معلّبة جاهزة، و ساهم إسناد تكوين المدرّسين الجدد أو القدامي إلى جهاز ارتبط وجوبا بنظام التّعليمات في صعق المبادرات المبتكرة و تجفيف منابع الاجتهاد، و أضحى المدرّس يسعى إلى تقديم ما يقتنع به صاحب العلامة المميّزة في سوق المعرفة المتحجّرة. و ظلّ التقييم الجزائي القمعي يؤدّي دوره الرّيادي في تجهيل شعب المتعلّمين؛ بل أصبح سلاحا تستخدمه القوى الاجتماعية لردع خصومها المتنطّعين.
أمّا نظام العطل في البلد فهو يساير نظام الإله بعل فهو فصلي يتحدّد بتغيّرات الشّمس، فعطلة عند سقوط أوراق الخريف، وعطلة عند نزول المطر و عطلة عند تفتّح الأزهار في آذار، وعطلة في شهيلي الصّيف.
يرى أصحاب التّجديد المزعوم أن يقع " التوافق على توزيع زمني جديد. جيّد.
• من سيتحمّل تبعات فشل هذا المشروع و انعكاسه السّلبي على أداء المتعلّمين؟
• ماهي الضمانات الممكنة التّي تجعل نجاحه أمرا قابلا للوقوع؟
هل إقرار التغييرات في الهندسة الزمنية ( اليومية و العطل) قادر وحده على التّخفيف من عبء حجم زمني ثقيل [-25-32--36] ليس له مثيل في العالم ( المعدّل 22-25 ساعة أسبوعيا).
في السّنة الفارطة وقع تعديل داخل السّنة الدّراسية بعد ترويج إلزام بحذف الأسبوع المغلق، هل ننتظر إجراء مشابها له في السّنة القادمة.
جيّد التّمسك بالنوايا و التربية البعلية فهي طريق لتخليصها من الرعوانيات و دخلاء الخبرة الزّائفة.