الإصلاح المتوحّش

Photo

تناثرت الاحتجاجات التلمذية، و زاد الصمت المطبق في استفحالها. وخرج أبناء المدرسة العمومية من فضائها الضّيق إلى رحابة الشّارع كي يشاركهم الولي و المواطن المترجّل و السيّار وجيعة خانقة. و صدحت أصواتهم بشعارات على ميوعتها و تفاهتها فهي تعكس تخميرة سنوات عجاف من تسطيح ممنهج لعقولهم البريئة.

أبناء المدرسة العمومية تركوا المقاعد الدّراسية على أمل أن يسمعهم المسهوول المهرول إلى الإذاعات و التلفزات بسبب أو دونه. فوقف حبر المذكّرة اليتمية على فرض واحد، و رفع القلم عن غيرهم . و في الطّريق فتاة هزيلة الجسد تصرخ بكل قوّة رفضا للمذكّرة القميئة، و هي تجري في الطٍّريق لم تنتبه إلى شاحنة كبيرة تمرّ بسرعة مفرطة، فلم تجد المسكينة من حلّ غير الدّخول بين العجلات. طبعتها تلك العجلات دون علم باحتجاجها السلمي على ورقة الكياس.

هي تلميذة اختارت المدرسة لتتعلّم فيها، ولم تدر أنّ القدر يخبّئ لها ميتة شنيعة لا لشيء سوى أنها طلبت حقّها في تعليم منصف و متكافئ يخلّصها من دروشة ترتيبات إدارية تخنق طموحها إلى غد أفضل. من سيعزّي والدي هذه الفتاة في مصابها. فهما قد أرسلاها إلى المدرسة كي تقتل الجهل الكامن في علبة سوداء أرادت خرافة الإصلاح الجديد أن تديمها.

ابنتي لك حتمية الموت الّتي ساعدت جسدك على الفرار من محرقة دخان إصلاح يخنق كل توق إلى التّعلم.

ابنتي طار عقلك محلّقا كي ينشر قصة لوعة والدين أرسلا ابنتهما إلى المدرسة، فعادت إليهما ورقة مطبوعة بدم بريئ يشهد أنّها ضحية قرارات فاسدة و اجراءات قاتلة.

ابنتي ارقدي في قبرك، أمّا روحك فستنشر قضيّة أصدقائك التلاميذ الّذين يعانون ويلات تخبيز متسرّع غير قانوني في إدارة الشّأن التربوي.

و إذا هذه المتعلّمة سئلت ماهو سبب موتك؟ فهل ستقول أنها طلبت العلم في حرم المدرسة. فوجدت أنّ الموت تحرّك قبل مسهوول كان عليه أن يحافظ على فلذات الأكباد و أرواح المتعلّمين قبل أن يبرم عقد إصلاح مشوّه لا يسنده علم و لا ترفعه حاجة تعليمية تعلمية.

هذا المسهوول سيسأله التاريخ يوما: ماذا صنعت يداك بروح تلك البنية الهزيلة؟

تعرفون من هي تلك الفتاة المدهوسة؟ إنها بلدي الّذّي ترك تصريف شأنه التعليمي إلى عديمي الدّراية التربوية، فكثر غبار كلامهم و انتهى إلى احتجاجات تلمذية تنشر الخراب في العقول و المكان و تحرق المعرفة.

فألفا تشكرون . لأنكم جعلتم المدرسة العمومية مستباحة، فيرشقها تلامذتها بالحجارة و يرسلون الشماريخ في ساحاتها. و يحرقون الإطارات في مداخلها. و يزيد في التنكيل بها الحقير الجاف. فهل توجد مشاهد أفظع من ذلك وهل توجد قرارات سافلة بحجم ذلك السوء.

ومازال المرابطون يحمونها من سخافة عقول تغلّب أنانيتها على حساب إصلاح علمي يجعل المدرسة بوّابة إلى القطع مع العجرفة و العنطزة و حرما يجعل المتعلّمين يؤمنون بقداسة المعرفة و سلطة العقل قاهر دراويش سوس التجهيل.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات