انطلق الموسم الدّراسي، و اختفى -لأوّل مرّة- النّظام التقييمي الإطاري للمتعلّمين. ولم يقع التّنصيص على هذا الغياب إن كان لحكمة أو لغباء دارج في عرف التسيير. و دخل المدرّسون إلى القسم و هم ينتظرون مذكّرة أو منشورا أو حتّى قانونا قديما مازال ساري المفعول ينظّم عملية التقييم. وفي البال عطلة بعد خمسة أسابيع. و في الخاطر تحوير هيكلي للنظام الزمني المسيّر للحياة المدرسيّة امتدّ إلى سداسي يتيم و سداسي أرمل.
جاءت البشائر خاطفة لكل أمل في تغيير لعقلية التقييم البالية. ولم يكن المفتّش الإدراي بقادر على إشباع غلّة المدرّسين. فلقد خاطبهم من برجه العاجي: هذا هو التنظيم الجديد لعملية التقييم". لا أحد تجرّأ على السّؤال: من اتّخذ هذا القرار؟ حتى الأوراق لم يكن لها من مصداقية عدا انتمائها إلى إدارة الإشراف دون ختم او إمضاء. " خذوا الأوراق. و طبّقوا. و يبدو أن عقلية العصا الإدارية التي مارسها المفتّشون في التسعينات بدأت في الامتداد و الشعبطة. وفاتهم أنّ زمن الدكتاتورية ولّى إلى غير رجعة.
لم يكن التّصوّر الجديد - إن جاز اعتباره تصوّرا- لعملية التقييم بخارج عن علبة التفكير السوداء و التّعصّب الأعمى لأفكار عفّها الزّمن. ولعلّ أصحابها لم يعرفوا أنّ هذا البلد شهد قطيعة مع المعلّب و المجمّر و الاستعلاء. فهل يعقل أن يدرس متعلّم فترة طويلة تمتدّ ستة أشهر و لا يكون له نظام تقييمي تكويني تكوّني يتابع عن قرب تفاعله مع المعرفة و استيعابه الحقيقي لها؟
المتعلّم سيذهب إلى المدرسة، و يسرح مدة ،ثمّ يقع إعلامه باختبارين ،يقع إشفاعهما باختبار تأليفي نهائي في آخر ستة أشهر. هو تصوّر من عالم البحار وهو الصّيد بالكركارة. فكلّ متعلّم مطالب أن يسترجع معلومات تعود إلى فترة طويلة نسبيا. وهو قرار مازال قيد التجربة.
ولكن الغريب أنّ الجديد إذا كان ما يستدعي الجدّة هو ترك المتعلّمين في راحة من وجع الرّأس و الاستعداد للاختبارات لمدّة زمنية طويلة. وهو في ذاته اختيار: هل يتأسّس على أبحاث ميدانية أم فروض تجريبية قابلة للقيس؟ أم هو تخنفيس تعصّبي لفكرة فتح الثلاثيات على مجهول.
النّظام القديم للتقييم -و الّذي مازال ساريا حسب القانون جويلية 2002 ولم يقع تنقيحه أو إبطاله. وعلى ماذا ستستند الاجراءات المنظّمة للسداسيّات و نظام التقييم؟-على علاّته فهو أفضل بكثير من هذا الفتح على المجهول. فالمتعلّم يعرف أنّه بعد فترة قصيرة ينجر اختبارا أو أكثر،ثمّ تليه فترة يستعدّ المتعلّم ذهنيا و معرفيا لخوضها وهي الأسبوع المغلق.
هذا التقييم بالكركارة هو اختيار غير مستند إلى علم التقييم، وهو يفتح المدرسة على دهاليز مظلمة في المعرفة المتعلّمة و المواظبة و الانظباط. و سيجعل العمل التعليمي التعلّمي أمرا صعبا.
و الأيّام سثبت أنّ إقرار نظام تقييمي خاضع للأمزجة هو ضرب من اللعب بالنار التي قد تعود بالوبال على مستقبل المدرسة.
ما يدعو إلى الحيرة أنّ مشروع الإصلاح القطرة قطرة و يعمل حسب مقولة الإخفاء و الإظهار قالوا أنّ من يشرف عليه هم خيرة الخبراء( المشرفون على التفتيش في غالبهم) في المجال التعليمي التعلّمي، فاتّضح أنّ هذه الاجراءات لا يمكن أن يقرّرها إلاّ من كان جرابه فارغا من التعليم و التعلّم..و لا يحترم أمانة التعليم و قداسة المدرسة و شرف مهنة التعليم.بل كل همّه منحة زكية و عطية هنية و جاها شرفيا.