آه يابلدا مترنّحا....
تطوف الأخبار هذه الأيام معلنة عن تحويرات تبديلات انتدابات في المسار الحكومي. و طفق إعلام النخاسة يروّج لأسماء قصد الرّكوب في حافلة الإنقاذ. و أنت تستمع إلى التحاليل الميكيافيلية تشتم رائحة القلق من حريّة الشّعب. فهم لا يفوّتون فرصة للنيل منها، و أنها هي سبب البلايا. فالحريّة هي وراء الفشل. و انبرى واحد من جوقتهم مادحا حذاء سيّده المخلوع الّذي داس به على كرامة أبناء الشّعب.
الجحود و النكران
لست أدري لماذا هذا البلد دائما أبناؤه المخلصون ينالهم الجحود الساقط و النكران السّافل؟ ولعلّ مزاجية الطّباع لها دخل في فهم تبدّل الحال من إسهال شديد في المديح، ثمّ تحوّل سريع إلى هجاء مقذع. ويبدو أنّ أنانية الأنا الأعلى زائدة القيمة في عقول أشخاص يتصوّرون النجاح حليفهم وحدهم و أنّ الفشل وصمة عار لغيرهم. فيلقون بهم خارج الدّائرة.
إدارة شؤون العامة
لعلّ كتب السّياسة بمختلف مرجعياتها لا يمكن أن تقدّم وصفة سحرية لإدارة شؤون العامة. فهي حينية متبدّلة غير ثابتة، و ما يصلح البارحة سيثبت سوءه غدا. ولكن ما يجعل تواصل الفعل التسييري بأمان أكثر هو شخصية القائد أو حبكة تنظيم ظروف التّصرف، فكلما كان إيمان القائد بحقّ المواطن في العدالة و الكرامة و العمل ازداد الشّعور بالثقة لدى المواطنين و العمل الصّالح. و كلما كانت حبكة تنظيم ظروف التصّرف واضحة شفافة ازداد الفعل الديمقراطي ديمومة و ثباتا.
ماهي مهمّة الوزير؟
لا زالت بعض العقول المريضة بوهم التّسلط تعتقد أنّ الوزير قادر على حشد الغيوم و إنزال المطر و إعشوشاب الأرض و مدّ السنبلة و تقديم الخبزة في فم الجائع. هو تمثّل لا علاقة له مع الواقع المعاين. فالوزير هو في أحسن الأحوال منسّق بين أطراف متعدّدة. ولعل اصطباغ تفكيرنا بالهوس الكروي جعلنا نتحدّث عن تغيير وزير كتغيير مدرّب لإحداث رجة داخل المنتخب. سياسة الحكم تتطلّب مشروعا وطنيا يراعي الظّروف القاهرة مهما كانت ويحاول الوزير أن يسهر على تنفيذها.
سمات الوزير الناجح
لعلّ فساد الحكم لسنوات لا يمكن إصلاحه بعصا صلاح الدّين، بل بصبر أيوب. فالفساد شبكة متعفّنة قادرة على الإيذاء و النيل من المخلصين للشعب تفكيرا و تطبيقا. و لايمكن أن يقع القضاء على مستنقعات التحايل و الارتشاء و إخراج الباطل مخرج الحقّ بخوارق السّندباد.
و أعتقد أنّ الوزير الناجح لا يقدر على بذر الإجراءات النّافعة ما لم يقم بحراثة التربة الإدارية بتشخيص علمي دقيق يحدّد نقاط القوّة و مكامن الضّعف. العلم العملي هو وقاية الأنظمة السّائرة في طريق الدّيمقراطية من الانتكاسة و الإيمان بحق الشّعب في عيش كريم يساعد على تحقيق النجاحات.