مدرستي .......يا وجعي

Photo

يبدو المتابع للشأن التربوي حائرا، فكلّ جهة تدّعي رغبتها الجامحة في الإصلاح. هذا المشروع الّذي مازال يراوح مكانه، وكأنّ الفرج سيكون بمجرّد إطلالة بوارق إجراءات عاجلة.
ذلك الإصلاح يتّفق حول ضرورته و استعجاله جميع المتدّخلين، فالمشهد التعليمي سيء إلى درجة الاحتضار. وقد يعلن عن نهاية المدرسة في كلّ لحظة. فإذا كان الاتفاق قائما حول عمليّة الإصلاح، فما هي مواطن الخلاف؟

1- غياب قانون منظم

لا يمكن لأي إصلاح تربوي أن يكون بمأمن عن النقد و الانتقاد و التشكيك و التفنيد، و لقد زاد غياب قانون صادر في الجريدة الرّسمية ينظم مراحل الإصلاح و كلفته المادّية و طريقة عمل اللجان و اختيارهم من تنامي الشكوك في نواياهم و تفنيد جميع قراءاتهم لعملية الإصلاح. و الاعتراض عن اجراءته مهما كانت، وهاهي الأيّام تثبت أنّ ما يدبّر دون نقاش مستفيض يصله غبار القدح و التشويه و التعطيل.

.. 2- الغموض

لكلّ جهة وجاهة قبولها أو امتناعها : وأعراض المشروع المزعوم أضحت على مرأى البصر، و لا يمكن لأيّ عمل إصلاحي أن يحظى بالتنفيذ عند اشتداد الصّراع. و يبدو أنّ أوّل عيب لذلك المشروع، هو الغموض. ولقد أراد مروّجو الإصلاح أن يقنعوا الخاصّة و العامة بأنّ مشروع الإصلاح في أياد أمينة و خبير، ولكن غياب البلاغات التي تفيد بالاحتكام إلى الكفاءة في اختيار تركيبة اللجان و طريقة تسييرها، عجّل برمي سهام التّشكيك في القدرات المعرفية و التعليمية لكل من تحمّل عبء رئاسة اللجان. و العجيب أن لا جهة نشرت قائمات الماسكين بملف الإصلاح.

3- الزعامة الكاذبة

يبدو أنّ التبشير بالإصلاح في كلّ الفضاءات الإعلامية أضّر به وجعله اضحوكة عند الأولياء، فهم يسمعون كلاما سرعان ما يقع اعتباره شطحات دنكيشوت. و لعلّ الإصرار على جعل عملية الإصلاح مشغلا يوميا يقوده شخص له قدرة على " تمرميد المدرّسين" و يقدر على معاقبة مدرّسة استمع إلي شكوى أم ملتاعة من "ظلم سلّط على ابنتها. صورة "الكوباي" التي روّج لها إعلام الخنادق استطاعت أن تهدم جسور التواصل بين المدرّسين الفاعلين الحقيقيين و الإصلاح التربوي. ولعلّ وقفة المدرّسين هي الورقة الحمراء التي يجب أن يتوقّف بعدها كلّ شطحات التقزيم لدور المدرّس.

4- التّراجع عن القرارات

اختار مؤسّسو المدرسة الرّواد ضوابط تسهّل التفاعل التلقائي و الإلزامي فيها، و لا شكّ أنّ الحياة المدرسية يضبطها قانون منظم يسيّرها، و ما شهدته هذه السّنة من تجاوز لقانون قائم و رغبة في طمسه جعل التٍّراجع عن قرارات تفتقد الدٍّراية بصعوبة العمل التعليمي التعلمي. و التّراجع عن القرارات هو مدخل للفوضى وهو ماعاشته المدارس، و الخطير التّشكيك في جدوى المدرسة و معارفها و شهائدها و قيمتها الرمزية في المجتمع. هذا الانفلات القانوني خطير قد يصعب التحكم فيه في قادم الأيّام.

5- صمت السّلطة السياسية و التشريعية

ما يزعج حقيقة هو صمت السّلطة السيّاسية و التشريعية، فكأن مشكل التربية بات صراعا بين "زعيم الإصلاح" و أطراف اجتماعية و قاعدة تضمّ المدرّسين. هو صراع معاين و حقيقي، و زاده التفرّج من ربوة البرج السلطوي اشتعالا. و نفخ فيه ابتعاد المجلس التشريعي في لعب دوره الحقيقي في تفعيل القوانين الّتي تضمن الكرامة لكل المدرّسين و مجّانية التعليم و تحقيق جودة تعليمية.

متى يمكن أن نتجاوز كلّ انواع الخلاف، و نفكّر أنّ التربية ليست "دربي كروي" بل هو صراع طويل ضدّ أمراض النرجسية و أوجاع الجهل ، و طاعون الأنانية و نزعات توحّش السوق بخوصصتها و وباء الاستبداد القاتل لكل كرامة و حريّة و تقدّم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات