الإدارة المتمرّدة

Photo

صورة أولى :

احتجاج غي مسبوق

زوّدتنا الأخبار بصور صادمة عن احتجاج مسؤول محلّي وقع إعفاؤه من منصبه، و توجّه بكلامه إلى مجموعة صغيرة ليخبرها أنّه يحتجّ. على من يحتج؟ و هو سيتوجّه إلى بلاد شقيقة مجاورة. كيف يمكن أن نفهم هذا السّلوك غير المنضبط؟ هل هذا المسؤول يميّز جيّدا بين شروط العمل الإداري و حالته النفسية الغاضبة؟

صورة ثانية:

إصرار على الإضراب

أخبرتني طبيبة عن حادثة وقعت لها أثناء إضراب أعوان الصّحة، فلقد وصلت المستشفى العمومي، ولمّا وطأت قدماها باب العيادة، شاهدت المرضى ولم تجد الممرّضات، فلبست مئزرها، وفي لمح البصر طلع لها عون حراسة ليخبرها بأنّ المستشفى في إضراب، فأعلمته بأنّها غير معنية به، وطلبت من المرضى أن يقتطعوا وصلا للانطلاق في عملها، فرجع إليها مريض ليخبرها أنّهم رفضوا تمكينهم من الوصل و المال. فبقيت تتحسّر من سخافة التفكير الذي لا يميّز بين الإنساني و المهني.

صورة ثالثة:

مدير التعليم في حلقة إضراب

يصرّ الطّرف الاجتماعي على جمع المدرّسين المنفذّين للأعمال التعليمية و المديرين الساهرين على تسيير المرفق العمومي أثناء حملات الإضراب المتعاقبة. ولقد كانت لوائح الإضراب تدعو المديرين صراحة إلى الإضراب عن العمل. وهي سابقة غير محسوبة العواقب. فالمدير اختار أن يكون في خطّة إشراف تجعله في ركاب الإدارة. وكان من سوء تلك الدعوات مظاهر لا يحسن بالحرّ أن يرسمها بالقلم.

صورة رابعة:

إغلاق مرفق عمومي قبل التوقيت الرّسمي.

لا شكّ أنّ المتابعين للشأن العام لا حظوا انطلاق برنامج متابعة للإدارة، وهو عمل كالمنارة في فضاء الظلام الدّامس، ولقد جاءت الأنباء تخبر عن مظاهر سيّئة، و لا ريب أنّ إغلاق مرفق عمومي قبل انتهاء توقيت العمل الرّسمي هو أشدّها خطرا. و الزّائر إلى عديد هذه المرافق يلاحظ تجاوزات تكون على حساب المواطن و جيبه و راحته. فالشّعار الذّي رفعته إدارتنا هو أنّها في خدمة المواطن.

التعليق:

تتعدّد الصّور الّتي تجعل العمل الإداري في مجهر المعاينة الدّقيقة، فهذه الإدارة المتماسكة لها عمر يناهز القرنين. وهي إدارة اختار لها الرّواد أن تكون عصرية و ديناميكية في زمنها. ولكنها هذه الأيام تعيش ضعفا فادحا يبرز للعين المجرّدة بمجرّد حرص المواطن على المطالبة بحقّه في الخدمة التي يمنعها عنه عون يصرّ على إشباع رغبته الذّاتية قبل الجماعية. و رغم هذه الأوجاع فيوجد في الإدارة كفاءات مسؤولة و إداريون محترفون و وطنيون غيورون على سلامة المرافق العمومية، ويبدو أنّ التفكير في تقييم عملها و صياغة أهداف جديدة و ترشيد عملها من أهمّ الشّروط للحاق بالأمم المتقدّمة.



Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات