اصطحبت والدتي إلى نزهة شاطئية، دخلنا البوّابة السّياحية، فأوقفتنا العلامات المرورية، و بادرنا العون الأمني بتحية، و تفحّص بعناية الجسور السّيارة، ثمّ أمرنا بمواصلة الطّريق. و أنت تشاهد حرصه على النّظر إلينا تفهم أنّ أمرا ما يجول بذهنه قد لا يصلك صداه حتما.
تكرّرت تلك الوقفات الأمنية؛ و زاد معها شعورك بالأمان، نعم أنت الذّي يسمع كلّ يوم خطابات التقزيم للمجهود الأمني من شخوص احترفوا النّخاسة السّياسية، تجد أنّ أكاذيبهم كلّها أراجيف ليل
يحرصون بها على تثبيط العزائم و التّقليل من روح الانتصار إلى وطن جامع.
لا يخلو مفترق من حضور أمني مكشوف للعين المجرّدة، و لا ينقطع الطّريق من جولات متتابعة لسيّارات أمنية يقودها أبناء الوطن حاملي السّلاح. هؤلاء العاملون في قطاع أمني اختاروا حماية الوطن من سموم المجرمين و دفاعا عن قطاع سياحي نالته يد الغدر في مناسبتين فظيعتين.
تشعر بالفخر أنّ من يحرس البلاد هم أبناء جلدتك، و القابضين على زناد الرّصاص هم متعلّمون مرّوا على يد المدرّسين الأجّلاء، و السّاهرين على حماية منشآت الشّعب السّياحية هم أبناء عائلة نشؤوا في حضن أمّ رؤوم و أب رؤوف. لا تشاهد في بلدي ماركات أمنية عالمية، بل أمننا بمواصفات وطنيّة 100 بالمئة.
تفتح التّلفزة و أنت النشوان بهدوء آسر و أمان شامل- بعد أن تمتّعت بملوحة البحر و إشراقة الشمس و نصاعة الرّمال- فلا تجد برامج تنقل ذلك المجهود الأمني الجبّار، بل انحسر النّشاط الأمني في القبض على المزطولين و متابعة تزييف العملة و كشف أوكار اللصوص، وهو وجه له تميّزه؛ ولكن لماذا يضيع ذلك المجهود الوقائي الأمني عن التّرويج له و التعريف به؟ فيأمن الرّجيف و يهنأ الشّريف و يطرب اللطيف و يقبل النّزيه.
إذا تحقّق الأمان بعمل أمني نوعي و بكفاءة مهنية محترفة محليّة لماذا لا يكون جزءا من السّياسة الإعلامية السّياحية؟ فبلادنا عانت من الضّربات الإجرامية، ودفع بالنّاشطين في قطاع السّياحة إلى بطالة خانقة. و ظهر أنّه قطاع مربح لو يكون مستوى الأمان في أعلى درجاته. وهاهو اليوم يتحقّق.
فنشاهد ومضات إشهارية تنقل انطباعات المصطافين و رأيهم في اليقظة الأمنية.
تتقدّم الأوطان بشجاعة أبنائها و معارف علمائها و صنائع عمّالها، و لا يمكن أن يكون إذكاء النعرات و تقزيم الأعمال و ترويج الإشاعات و الإكثار من الأكاذيب طريقا لبناء وطن جامع يحترم التّنوّع و ينبذ التفرّد و الإقصاء. ومن يكون شاغله نشر البغضاء و الكراهية فهو هامش يوضع في رفّ الحياة. ولقد شهد فرنسا و تركيا صفعات أجرامية، ولكنها خرجت منها متعافية بفضل تكاتف الجهود و الابتعاد عن التّشكيك في القدارات الأمنية، و لا أمل للخروج من الأزمات إلاّ تمتين الشّعور بوحدة المصير و التّعايش المتكافئ.