لا شكّ أنّ المتابعين للشأن التّربوي تنفّسوا الصّعداء إثر إزاحة ضرورية للمكلف السّابق للتربية.
رحل في غيمة ليل، وترك وراءه ترتيبات ارتجالية لنهاية السّنة الدّراسية في غاية الضبابية. فالمدرّسون علموا أنّهم سيقضون 12 يوما في مراقبة مستمرّة. إذا عاد التنظيم المغلق؛ ولكن هذه المرّة بإطالة، فلم يعد أسبوعا مغلقا؛ بل أسبوعين بالتمام و الكمال.
ذلك ماض انتهى، و ما يمكن القيام به هو إنجاح السّنة الدّراسية بجميع محطّاتها التقييمية، فالمدرّسون عادت لهم قوّة المبادرة بعد صراع مع ظلاميات التسيير الأحادي. تلك الدّروشة الملفوفة في مناشير لا أساس لها من القانون المنظم للحياة المدرسية ستنتهي. المدرّس هو الّذي أعاد للمدرسة العمومية قيمتها. و واجب الدّفع نحو نهاية السّنة الدّراسية في كلّ طمأنينة صار عملا وطنيا يرتقي إلى شرف الدّفاع عن الوطن.
ربّما الدّرس المستفاد من صعلكة إدارية دامت سنتين أنّ التربية مازالت ركيزة في بناء المجتمع. كلّ الفعاليات الّتي آمنت بمدرسة عمومية حديثة مدنية حرّة متقدّمة ربحت المعركة ضد الغطرسة و العجرفة و الأنكى القصعاجيات البهلوانية في تمرير الخوصصة المقيتة. جميع اللفائف الحلزونية في تفصيل قوانين تجيز توظيف رسوم على الوظائف الأساسية للتربية من تعليم و إقامة و أكلة و غيرها وقع تفكيك عقدها للجمهور الواسع.
المدرسة العمومية ليست مزيّة من شخص أو حزب أو سلطة، هي حقّ أبناء الشّعب في القطع مع الجهل و الحمق و الاستكراش و الأنانية. لا يمكن لأي شعب أن يقطع دابر الفاسدين و المستغلين و دعاة التكبّر و الصّلف ما لم يتعلّم أبناؤه نور المعرفة و شرف إنتاجها. تعليم المعرفة يجعل الفرد في المجتمع يتحوّل إلى مواطن فاعل منتج خبير.
سقطت "دبارة" خوصصة المدرسة العمومية، وزالت المخاطر من أجل بيعها لمستثمرين فاسدين همّهم السّمسرة في مستقبل الشّعب المعرفي و رأسماله البشري. انتهت "زفلطة" التربية. و غادر كبيرهم، فمتى تقرأ العين أخبارا تعلن عن بداية فعلية في جعل وزارة التربية وزارة تقنية تحفل بالمختصّين في التعليم و التعلم و الجامعيين و المدرّسين و الإداريين العارفين بمجال التربية؟
متى تصبح وزارة التربية وزارة سيادية لها كافّة الإمكانيات قصد النهوض بالفرد المواطن؟ متى يصبح لنا جامعات عمومية في التربية؟ متى يصبح إصلاح التربية من صلاحيات مجلس النوّاب فهو الوحيد القادر على متابعة شؤون التربية تشريعا و تقريرا؟ متى يقع فتح مسار للمساءلة القانونية لكلّ من تعمّد أن يهمّش لتربية تصوّرا و أجرأة و فصّل غايات تخدم الدكتاتورية و بقاءها؟