خرج المكان يبحث عمّن يحضنه، فاعترضه الإنسان فاحتواه بذراعي الزّمن، فكان الماضي طريق النسيان وجعل الحاضر يطارده في حلّه و ترحاله.
تلك حياتنا . فلا سبيل إلاّ السّير للأمام. ومن التفت إلى الوراء انشقت له الأرض و ابتلعت كلّ أمل له في النجاة.
سيروا في الأرض، و اضربوا فيها. فالمكان هو نقطة النهاية و الزّمن هو دورة التّجدّد اللانهاء.
فاغنم من يومك العمل و الزهو و الإيمان بالوجود الفاعل. و لا تصاحب في طريقك الضبع الطّمّاع
و لا تشاور الثعلب المكّار و لا تقترب من الطّاوس الخدّاع و لا تضع ثقتك في الأسد العاجز.
صاحب الهدهد المسافر و خالط الكلب الوفي و تجوّل مع الجمل الصّبور و عش قرير العين مع حمامة تضع في العشّ كل ما يجلب الهناء. فلا حياة دون رفيقة أو حبيبة أو رقيقة أو عشيقة أو لطيفة تكون خير حارس من غدر بعض البشر.
الزّمن أو الإله كرونوس
هيهات
ثمة شعوب تحتفل بمرور الزّمن لأنها تحاول السّيطرة عليه. و الانتفاع به.
و شعوب أخرى تضع كلّ خيالها المريض لقتله و استفراغه في تقشقيش الكلام.
شتّان
ويوجد أشخاص حوّلوا الزّمن إلى ماراطون من الأعمال في كلّ وقفة يحقّقون أرباحا. و لا ينظرون إلى السّاعة إلا لمفاجاة الحدث و الأشخاص.
و يوجد أشخاص حوّلهم الزّمن إلى مقامرين يبحثون عن لذّة خداعه في مقهى أو فرجة ركيكة . و يضعون ساعة ثمينة في المعصم فقط للتباهي.
الإله كرونوس ليس ساعة تمرّ ؛ بل هو قدر محتوم ليس لك إلا مصارعته أو استقبال ضرباته السنوية. وانت خارج عن الحياة الحقيقية.