لا شكّ أنّ المواطن المثابر على مشاهدة فعاليات جلسة منح الثقة للحكومة تفاجأ بأنّ كل الكلام الذّي استمع إليه لم يغيّر شيئا في الواقع. وحافظت التشكيلة على كل توحّدها. و لم تستطع تركيبة المجلس المتنوّعة أن تفرض سطوتها و سلطتها على اقتراحات كان يمكن التعديل منها و عدم التّصلّب في بقائها.
فالمجلس البارحة كان مقسّما إلى ثلاث طوائف :
فكانت الطّائفة الأولى قد أزمعت على إطفاء جميع أضواء أذنيها و تشميعه مهما سمع من كلام مقنع. و يمكنه أن يفرّغ مكبوته " بدوزة من طحينية عالية الجودة" فالتعليمة واحدة وهي ضع نعم و عد مسرورا.
وكانت الطّائفة الثانية عقلانية ناقدة مشوّهة محذّرة. وقالت كلاما ينقش في صخر المجلس العتيق. و تجرّدوا من هوى الاتّباع و الأمّعية. وكانوا صناديد الشّعب في قول الحقّ. و تجاوزوا مقولة الشّيطان الأخرس. هؤلاء تبرؤوا من قادم الأفعال. و أرجعوا الأمانة إلى الشّعب. فهل لهم غير ضمائرهم و عقولهم ليفضحوا ما يرونه خاطئا؟
و كانت الطّائفة الثالثة مسّلمة باهتة تنتظر الانصراف. فهم جاؤوا خطأ و يرون أنّ بقاءهم لن ينفع فلا التوزير ينتظرهم و لا الشّعب سيعيد انتخابهم. هؤلاء هم المتخلّفون من الأعراب. تجدهم في الحروب المالية و تفتقدهم في الحروب الاجتماعية.
انتهت جولة البارحة. وخرج فريق الحكومة دون أضرار ولم ينقص منه أي عضو. رغم التحفظات و " التّشليكات" اللغوية و رفض لعب دور الكومبارس عند بعض النواب. ولكن السّؤال:
هل كلّ ما قاله النّواب سيرمى في سلة النسيان؟ الأيّام ستثبت أنّ ما قالوه ولم يعمل به هو مؤشرات على فشل قادم؟