لا شكّ أنّ شباب هذه الأيّام لم يسمع بإبداعات مجموعة الحضرة في التسعينات من القرن الماضي.
فلقد أخذ جهابذة التحايل على التراث كل فنون الخداع و المغالطة حتى يشعر المواطن أنّه متأصّل في حضارته. بماذا؟ بكمشة من البنادرية و إثقاعات غربية حتى يمزجوا بين الأصالة و الحداثة. و أطلقوا عليها اسم الحضرة.
بعد النجاح الجماهيري، و تنويم الشّعب في بخور الماضي العتيق، بعثوا المزود تلك الآلة التي منعها نظام ماقبل المخلوع، و أصبحت التشكيلة التي تقوم بها تسمّى النوبة. وهكذا أصبح الجمهور طار بوفلس يرقص على أنغام " على الجبين عصابة" ياما لسمر دوني.
و أخذ تلك الجماعة الزهو و الكبر. فلم يقفوا على الشّعب المغلوب على أمره،بل رحلوا إلى باريس مدينة الأنوار. ومن فرط جهلهم استدعوا فنانة فرنسية لإضفاء البعد المتوسطي. و كانت الحفلة تبدأ بذبح خروف.
وعندها هاجت الفنانة التي كانت مسؤولة في جمعية الرّفق بالحيوان. وتعطّل الحفل. و لولا بعض المتدخّلين " لرصاتلهم في بودفة فرنسا".
اليوم في مشهد من قاع الاسطورة البلهاء و في القرن الحادي و العشرين و في ظل الجمهورية الثانية و بعد حدث تاريخي قطع الطٍّريق على الدكتاتورية يقع استقبال وزير دولة بطريقة ليس فيها احترام لعقل هذا الشّعب و قطعه مع مختلف الأشكال المتخلّفة القديمة البالية. ربّما يقع تقديم اعتذار رسمي لتجاوز هذا التّصرّف غير المسؤول. و محاسبة كلّ من ساهم في إنجاز هذا الاستقبال الدموي السّخيف.
رجاء لطيف.
• اتركوا لنا خرفاننا. فنخن نحتمي بها من قطيع غلمانكم.
• اتركوا لنا خرفاننا فإننا نعشعشها بالعملة الصعبة.
• اتركوا لنا خرفاننا الحيوانية و أدخلوا قطيعكم في زريبتكم البهلوانية.
• خرفاننا ما عادت تقدّم في قرابين. وهاهي تشاهد شهداء البلاد يزفون فداء للوطن.
• طقوس دجلكم لم تعد تثير غير الشفقة من تخلّف ظاهر عن ركب الحضارة و التّحضر.
المؤلم أنّ شعبا لا يجد اللحم في طعامه يذبح أمامه في قارعة الطٍّريق.