حياد في اتّجاه واحد.

Photo

شاهدت البارحة في منتصف النهار برنامجا على قناة فلوس الشّعب الأولى، كانت الفقرة تتعلّق بفعل الشّباب في الحياة العامّة و السّياسية، اسضافت" المقدّمة " ومن ورائها كامل الفريق المحايد نفرين من اتّجاه أيديولوجي واحد وهو اليسار. ممثل عن منظمة طالبية و آخرعن المجتمع المدني. و للأمانة فقد قالا كلاما صادقا ابتعدا به عن المجاملة الجافّة و اللطائف القبيحة.

أنا أفكّر في مشاهد من جنسية ألمانية أو فرنسية أو انقليزية كان وقتها يتابع البرنامج ليكتب تقريرا عن حياد المؤسسة الإعلامية الشّعبية الأولى، ويبرز أثر التّحوّل الدّيمقراطي في المشهد الإعلامي ليخلص إلى وجوب زيارة بلدنا الحرّ و الدّيمقراطية الوليدة. الأكيد أنّ إلمامه بالتنوّع الأيديولوجي من اليمين المتّسع إلى الوسط المعدّل وصولا إلى اليسار الشّاسع سيجعله يتساءل هل في البلد لا يوجد إلاّ لون واحد؟ و تبقى السّياحة تتجرّع مرارة الهفوات الإعلامية الفادحة في اختزال التنوّع الفكري في فصيل واحد يكون حاضرا بالوجوه دون الفعايل.

المشكل في العقدة الأيديولوجية أنّ لا فكاك منها إلا بالتّوعية بضرر الاستبداد بالرّأي و صندقة التوجّهات الشّبابية في لون واحد و التّعويل على المقولة : "من كان معي فهو ليس ضدّي". نحن فعلا خرجنا من استبداد النّظام السياسي؛ ولكن مازال الكثير كي يقع تنقية الخطّ التحريري لقناة الشّعب من أوساخ الميولات الفاسدة وأدران المعاملات المشبوهة.

قناة فلوس الشّعب يجب أن تروّج صورة محايدة عن التّنوع الفكري و العقدي و السّياسي لكافة أبناء الشّعب. و لا يمكن أن يقوم بهذه المهمّة من كان زكّارا للنظام البائد. فهو سيبدّل جلده، ويبقى عقله ينبض بالسوء لهذا الشّعب الطّيب. بالهمزات الماكرة و الغمزات الشّامتة. التلفزة وظيفتها أن تعكس ما يوجد من غليان مجتمعي عقلاني لا يرشح منه إلاّ ما ينفع الناس.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات