مأساة قطار الفحص

Photo

الموت السّريع

لم يكن يدور بذهن أي مسافر في قطار الفحص ذات صباح من يوم 16 جوان 2015 أن يصطدم القطار بشاحنة واقفة على السكة. كان لكلّ واحد من الرّكاب حلم يريد تحقيقه. فنهض في الصّباح المظلم، وقصد المحطّة، و انتظر. جاء القطار ممتلئا بخلق كثير،ولكنّه يخفي مفاجأة غير متوقّعة. هي الموت السّريع.

القدر المحتوم

لا أحد يهرب من قدره، هذه حقيقة متداولة لبثّ الطّمأنة في النفوس الملتاعة. ولكن القدر أوصى باتّخاذ الحيطة و استباق وقوع المخاطر. وذلك بوضع علامات التنبيه و إشارات التوقيف. أمّا أن يكون مجال السّكة مفتوحا للمفاجآت فهو شبيه بمن يشرب السّم و ينتظر الشّفاء.

ماذا بعد الحادث؟

اشكّ أنّ كلّ عائلة فقدت عزيزا عليها مازالت تعتبر ذلك الصّباح طالع شؤم، فلقد حرمهم من لقاء أعزّاء عليهم. و ربّما نسوا لوعة الخبر، ولكنهم أبدا لن ينسوا الوعود بوضع نظام الآمان بالمحطّة. و هم يزورون ضحايا القطار سيخبرونهم أنّ القطار مازال يمرّ كلّ يوم، ولم يأكل ركّابه بنفس الشّراهة السّوداء لذلك اليوم المأساوي.

خدمة القطار

كان المهندس جيمس واط(1736-1819) يعتبر أنّ اختراعه لمحرّك القطار البخاري سينقل الإنسان من عصر الزّراعة إلى عصر الثورة الصّناعية. و الثّابت أنّ كل الأمم استفادت من هذه الوسيلة الهامة في تسهيل الحركة التجارية و المواصلات بين الشّعوب و الأفراد. لماذا في بلدي مازال القطار عنوان تأخّر؟ بل تسير خدماته من سيء إلى أسوأ. ولعلّ الخدمة المفترضة للقطار هي الموت دون خلاص تذكرة للعالم الآخر.

المتكالبون على الحكم

هل أوقدتم الشّموع لتتذكّروا ضحايا قطار الفحص؟ هل سعيتم إلى المطالبة بتحسين خدمات القطارات؟ ماهي المشاريع القانونية التّي قدّمتوها لتعميم القطار في كلّ جهات البلاد؟ هل قمتم بإحصاء المقاطع التي تحتاج إلى تركيز أنظمة الآمان و الانتباه؟ هل ساهمتم في أعمال تطوّعية لتنظيف ساحات المحطّات؟ وهل فكّرتم في طرق لدعم خزينة المال بقصد شراء وسائل عصرية؟

عديدة هي الأسئلة و لكن الحقيقة الوحيدة أنّنا نفتقد أعزّاءنا على حين غفلة. و نعيد الرّكوب في القطار فهو من الشّعب الّزوالي و الشّعب لن يفرّط فيه مهما آلمنا. وسنقتطع التّذاكر لتذهب إلى جيب لست أدري من ؟ولن نخاف من الموت وهو يركض بنا و يرجّنا رجّا و يخضّنا خضّا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات