صعد إلى كرسي الحجامة، سألته المجمّلة: سيّدي وجهك به تجاعيد كثيرة، و أخاديد طويلة فهل أخفيها؟
- شكرا جزيلا. زوجتي الجديدة تريدني أن أكون ملاكا لأنّ زوجتي القديمة كانت تناديني بالشّيطان الأهوج.
- حاضر سيّدي.
اختارت له كلّ أنواع المراهم البيضاء و وضعت له مستحضرا سحريا يخفي التجاعيد.
طلب من المجمّلة أن تفتح المذياع،فهو يعدّ عقله ليكون في برنامجه اليومي: الشّعب يريد. و سيقوم بتوعية الناس بمخاطر الإجرام و الفساد و الانتاخبات وكل تلك الشكليات التي يتمعّش منها.
اخترق صوت رصاصة كلامية رأسه المملوء قذارة:
"شدّ كلابك و نشدّ كلابي"
باغتته التصويبة، فهو يعرف نفسه أنه كلب ابن كلب أمّا أن يسمعها و يسمعها جمهور واسع فسيفتضح أمره. فيعد أن كان المرشد الأوّل و الموجّه الأوّل و اللاعب الأوّل. سوف يصبح مسخرة الشعب.
نزلت من عينيه دمعة، تذكّر أمّه التي ركلها ذات مساء و طلب منها أن لا تبيت معه فزوجته الجديدة لم ترض أن تر منظرها القبيح ووشمها الفاضح. و وصلت إلى ذاكرته المثقوبة دعوتها ودموعها تخنقها:
"يجعلك كلب تنبح كل يوم في كل تلفزة و إذاعة".
ماتت أمّه وهي غير راضية عليه. وهاهو اليوم يسمع دعاءها يتحقّق فهو كلب بن كلب.