الهنتاتي.. عاقبة الإفراط في الزقفنة

ليس من عادتي أن أستعمل "متغيرات الحياة الشخصية" في التحليل السياسي. لكن الله غالب. هذه "حالة مدرسية نموذجية" ذات دلالة رمزية مكثفة لفهم "الشخصية الزقفونية" في "الفكر السياسي التونسي الجديد".

لا يعنيني الهنتاتي في شخصه مطلقا. يعنيني فقط كنموذج مثالي تتكثّف فيه كل العناصر، الذهنية/النفسية/الثقافية/السلوكية، الضرورية لفهم رثاثة اللحظة السياسية التونسية الحالية المزرية.

خرج قبل 25 في كل المسيرات"المليونية"" المبرمَجة" المطالبة بإسقاط "الديمقراطية الفاسدة الشكلانية المزيفة". يصرّ على تقديم نفسه بصفته "شيخ دين" وإمام في حين أن كل الإشارات المنبعثة من سحنته ومن لغته الشارعية العدوانية تنفي كل أثر للدين في نفسه. ينتقل من الفتوى الدينية التراثية المحفوظة إلى التهريج السياسي بخفة تسيء للدين وللسياسة.

الشيخ المزيّف ممتلئ بوهم أنه مهم جدا وضروري لاستمرار الانقلاب إلى درجة توهّم مكالمات هاتفية يومية من القصر. المسكين متأكد أنه الشخص الذي لا غنى للنظام عنه، حتى أنه أعلن بنفسه وبكل ثقة خبر تعيينه وزيرا ضمن تحوير وزاري قرّره هو وحده في خياله المريض.

وفجأة.. الشيخ الزقفوني، مريض الوهم، يستفيق من غيبوبته موقوفا بتهمة التحيّل وإهمال عياله. طبعا الهنتاتي ليس "الحالة المدرسية" الوحيدة التي يمكن اعتمادها لفهم طبيعة "الشخصية الزقفونية الانحرافية".

فكل من تقاطع معه في التهريج الشعبوي الذي مهّد ل25 وتسبب في وصولنا إلى حالة "العدم السياسي"، هذه الحالة التونسية اللاتاريخية المرَضيّة الميؤوس من علاجها، وكل من ساهم بغباء ونذالة في ترذيل الديمقراطية وتجريئ العامة الجاهلة عليها، وكل من راهن على الاستثمار السياسي الانتهازي في الشعبوية مغازلا شخص سعيّد بقاموس "الحب الجمّ" الأهبل وشارك في كل محطات الانقلاب قبل أن يكتشف أنه لم يكن أكثر من "محلّل" لجريمة قتل الديمقراطية...،

كل هؤلاء.. "هنتاتيون" جدا.

تبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات