الحب في غزة…

الحب الذي يقفز من عيون الناس الخارجين من الجحيم نحو أجساد مقاتليهم الممشوقة والشامخة والمهيبة وهي تختال اليوم فوق تراب غزة، بعد أن أجمع كل متابعي حرب الإبادة أن لم يبق من كل غزة سوى أشلاء آيلة للتحلل السريع، هذا الحب المتلألئ في وجوه الأحياء الناجين الذين يستقبلون أبطالهم العظام، كافٍ لأن يجعلنا، نحن بقية سكان العالم، نتأمّل هذه الكائنات العجيبة بصمت وخشوع.. وإجلال.

لذلك.. أنا لا ألوم الذين يرددون أن اليوم الأول في غزة بعد الإبادة يجب أن يكون مأتما وحزنا جماعيا على عشرات آلاف الموتى والمعاقين والمشوّهين واليتامى والثكالى والمكلومين والذين فقدوا ممتلكاتهم وأعمالهم.. ويسخرون من مظاهر الفرح واحتفالات النصر في غزة ويرونها قلة أدب أمام حجم الكارثة.

لا ألومهم لأنني لا أطالب من أمضى كل حياته داخل مربعات الحياة التي رسمتها الرأسمالية الاستهلاكية المهيمنة على العالم بأن يفهم "الإنسان الغزاوي العجيب".

لفهم كمية الحب التي أغرق بها أهل غزة اليوم مقاتلين "جرّوهم" إلى حرب كادت تُفنيهم عن آخرهم..، نحتاج "برمجة ذهنية وروحية" جديدة.

وأوّل دروس البرمجة الجديدة لمن يريد أن يستعيد روحه ويحررها من الاستلاب الرأسمالي المهين لإنسانيته.. هو أن يتأمّل طوفان الحب الهادر في غزة اليوم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات