الفاعلون أقصد الكثير منهم يعتقدون بأن الأسرار -أو ما يعتبر أسرارا- لن يقع كشفها أو لن يعرفها المؤرخون ولن يُكتب عنها في التاريخ. والمشكل أن الكشف عنها يتم في الزمن الراهن بسرعة كبيرة.
مثال ذلك استقالة الفخفاخ. أكيد كثيرون شككوا فيها في حينها، وأنا -بكل تواضع- من بين من شكك فيها، وها هو ينكشف أمرها بكل وضوح. والأمر لا يتعلق بأن الكذب حبله قصير، ولكن سرعة الزمن لها مفعولها، استقالة الفخفاخ كتب عنها جوهر بن مبارك، ولو لم يكن كلامه صحيحا لسمعنا تكذيبا له من قبل إلياس الفخفاخ نفسه، أو تكذيبا من قيس سعيّد. ولكنه لن يأتي. وسوف يُنسى هنا كلام كثير -كنا نسمعه في كل خطاب- عن الصدق والأمانة ومحاسبة الله والشعب والتاريخ، وعن الوفاء باليمين.
بالنسبة إلى الاستقالة، نعم ننتظر شهادة الفخفاخ، فإن لم تأت فمعناه أنه لا يكذب جوهر بن مبارك. كما ننتظر شهادة قيس سعيّد نفسه، وإن كنت لا أنتظرها منه شخصيا، لأنه لم يرد حتى على من اتهمه بالتعامل مع دولة أجنبية( إلى حد الآن، ليس من المنطقي أن يصمت قيس سعيّد على من اتهمه بأنه تخابر مع دولة أجنبية. المتكلم يقدم نفسه على أنه من أنصار قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية، وقد قال متحديا بأن لديه إثباتات. إلى حد الآن، صمت مطبق. رغم أن قيس سعيد لا يفلت في كثير من الأحيان ولو مداخلة تنتقده من أحد النواب. ولكنه يتصرف كما لو أنه لم يقرأ ما ورد بجريدة الصباح. ) . كما يمكن أن تأتي شهادات من آخرين قريبين من الحدث.
الاستقالة وافق عليها الفخفاخ، بعد أن أعلن عنها قيس سعيد. بمعنى أن قيس سعيد أعلن عن استقالة الفخفاخ قبل أن يقدمها الرجل، وهذا يسمى كذبا، نستهجنه في أخلاقنا، ولكنه جائز عند السياسيين حتى الذين يتحدثون عن الصدق والأمانة والنزاهة.
بقي شيء أساسي في ما كتبه جوهر بن مبارك، الذي كان قريبا من مطبخ التيار الديمقراطي خلال المفاوضات على حكومة الجملي، وهو الكشف عن الطرف الذي كان وراء تخلي التيار الديمقراطي في آخر لحظة عن المشاركة فيها. من هو هذا الطرف؟ هل هو من داخل السلطة أم من خارجها؟ أكيد سينكشف الأمر، ذات يوم، وعندي لن يتأخر ذلك.