نهار اللّي تطيّب أمّي كِسرة، تعجِن لها مِ الصُّبح، وتغطّي العَجِينة بالرُّﭬـعَة وتحُطْها في عْوِينَة السّمْس فُوڨ الدُّكّانة، وتــﭬُول لي: "رُد بالك لا تِعْفِس عَ الرُّﭬـعة، عارفَاتِك مَطْفُوش، ما تَرْكَحِش". وسَاعَة سَاعَة تطُلْ عَلِيهَا هزّتش، وكِي تَبْدَا تْهِزْ، تِمْشِي تِـﭬْدِي العَافْيَة شَرْﭬِـي الكْوِيب متاعنا في حُوشْنا في الزرسين، أوّل حاجة تعملها لي شِبّيرَة، هِي تسَمِّيها بَشْكُوطة. أمّي عندها كسرة ما تـﭬِدْهَاش مَرَا. ومن فِلَاحَتْها، الضّيف نطيبوا له دِيمَه كِسْرَة ومَرْﭬة.
نتفكّر مرَّة، جَانَا ضِيف، صَاحِب سِيدِي واحد بليداوي، طُلُبَت أمّي من بُوكَه عِيلَة عمّي الحاج عمَّار، باش تعطينا الدّار متاعهم باش تحط فيها للرّاجل الغَدِي، وتغدّيت عْمَاه لأوّل مرة ناكل عْمَا برّاني، نتفكّر مليح كي ينِحْ فَمْ الكِسْرَة، كيفاش كان ينزل عليه بصبعه الكبير باش يعمل فيه حفيرة، وبعد يغرف بيه الحسي غرفان، ويحطّه في فمّه. حَبِّيت نْدِير كِيفَه ما ﭬدّيتش.
ضِيفْ آخر زرسيني، جانا واحني نسكنوا في الجيهة اللوطا في ﭬبلي لوطا، وكي العادة أمّي طيبت كِسْرَة ومرﭬة، وكنت نتغدّى أنِي وسِيدِي والضّيف، لِنْ عَضّيت لسَاني، من حرارة العضّة، خرج الدّم من فمّي، وتَمِّيت نِبْكِي ودمُوعي تِتْذَارَف، وهُم يسكْتُوا فِي، كي ما سكتّش ﭬال لي سيدي: آش تنعملوا لك أنت عضّيت روحك. هاك الكلمة سكّتتني.
كِسْرَة أمّي خِيرْ مِنْ خُبْز السُّوڨ، نتفكّر أوّل مرّة كليت فيها ذواﭬة من خُبْز السُّوڨ، كُنْت عْمَا أُمّي وبوكة ﭬاعدين في مُوسْطَة حوشنا في الزرسين، جَتْ جارتنا عِيلَة عمّ الصَّادڨ، ومدّت لأمي ذواﭬة م اللّي جَابْها رَاجِلْهَا مِنْ سُوڨ الثّلاث، صُـﭬْصَة خُبْز أبيض في لُون العَجِينَة، مِلِشَت لي منها ومدَّتْ لي. بعد مِدّة إسّيوڨ سيدي، نتفكّر جابلنا طاس من برّه أزْرَڨ ومن داخِل أبيض، وجاب لي أني صُفّيرَة نُصْها أخضر ونُصْها أزرڨ، وكانت فيها حُمُّصَة، أوّل لعبة شراها لي في حياتي. نفخ هو الأوّل، وبعد أعطاها لي.
من غُدْوَة نتفكّر رُوحي وَحْدِي في الحُوش، وانِي مازِلِت فَرْحَان بهاك الصّفّيرة، جِيتْ بَاش نَشْرَب، طَاح الطّاس الجديد من إيدي على رِشَادَة، وبِدِي يطَاطِي، تِكْ تِكَ تِكَ تِكْ، وتِنَحْ اللّون الأبيض من بـﭬـعة وكُل ما يتَكْتِك تتوسَّع هاك البُـﭬـعة. ﭬدّاش خُفْت من أهلي. تمنّيت راهي الصّفّيرة ما جابهاش والطّاس يـﭬـعد ما يتـﭬشّرش.
في مُوسطة الحوش، نتفكرها مَغَارِيب، كِي جَابَت جارتنا ذوَاﭬة لأمِّي فِي مِهْرَاس خَشَب، كِلَت أمّي وعِجْبَتْها المَاكْلَة، كانت رَضْخَة، مفَلِفْلة، ومدّت لي منها. المِهْرَاس هَاذَا هو الوَرْثَة اللّي وِرْثَتْها أمّي من تِرْكَة سِيدْها في الطويبة. كان عندهم نخل وزَتُون. تـﭬول هِي اللّي خُوها الكبير مبارك ﭬلّع الزيتونات وحَرَﭬْهُم فِحِم، ومن العتـڨ متاعْهم دَارُوا المهراس اللّي عِنْدْنا.
في النزلة في ﭬبلّي، كانُوا الجّيران الكُل يذوْﭬوا بعضهم في مناسبات، كيما فِي الألْوَاح، عَشِي المُوتَى. هي أمّي تِعْرِف الشهُور العَرْبِي الأثنَاش عَاشُورا ورِبِيبْها والمَسَاكِيت الثّنين، والملود وربيبه، ورجب والـﭬْصَيِّرْ ورُمُضان وعيد الصّغير وبِينْ الأعياد وعِيد الكبير. وتِعْرِف الأعياد اللّي يطيّبوا فيها اللّحم، ويذوﭬوا الجّيران.
ﭬَبَلْ نَهَار يِمْشِي سِيدِي يِشْرِي طابِـڨ في ﭬِسْمَة، وتِسْرِي أمّي باش تطيّب كسكسي، وحين ما تحُط، توزعَه صْحيفة صْحيفة غُضّارة غُضَّارة، ذوايـڨ ع الجيران. في العادة تبعث أختي، وإللي تمدّلهم الذواﭬة، يا إمَّا يرَجْعُوا فِي نفس المَاعُون وإلاّ يخلّوه عندهم، ويـﭬولوا لها: "عـﭬوبة لْدَايِر". وبعد يردّوا الماعون فيه ذواﭬتهم، تتجمع في الدار ذوايـڨ ذوايـڨ. الجِّيرَان الكُل يْذَوْﭬُوا الجِّيرَان الكُل.
وأكثر الذِّوَايِـڨ كُسْكْسِي، ومرّات قليلة تَلْـﭬَــى مقرونة وإلاَّ مَرْﭬة. وأمِّي عيَّافَة ما تذوڨ حتى من ذْوَاﭬة. ثم مرّة حبّيت نْذُوڨ مِ الذّوايـڨ الكل، كإنِّي كِلِيت فِي نَفْسِ النِّهَار عِنْدِ الجِّيرَان الكُل. وكِلِيت منْ كُل ذْوَاﭬَة غُنْجَايَة. لِيلَتْها مَا جَانِيش نُوم، وأنِي مَاشِي جَاْي عَلْ بِيتْ الرّاحة. ما بْرِيت كَان من غُدْوة بَعْد مَا طَيّبَت أمّي الكِسْرَة، ومَدَّتْها لِي حَامْيَة وحطَّتْ لِي الزِّيت وﭬَاتْ لِي: نَـﭬّـع ْوكُول، تَوْ تَبْرَا.