كشف طبيعة المنظومة الانقلابية، لا حريات ولا هم يحزنون، البولسة لا تخطئها العين، لا أقصد الأمن الجمهوري، وإنما بوليس سعيّد /بن علي، كل التجهيزات والقوات الأمنية سُخّرت اليوم من أجل الحدّ من وقفة مواطنون ضد الانقلاب.
حواجز على بعد مئات الكيلومترات وتعطيلات للحيلولة دون الوصول إلى باردو، عرّام، عقارب، الجم، مرناق وغيرها… وهو ما يقع لأول مرة في التاريخ التونسي بمثل هذه الكثافة وهذا الإصرار. هذا دخل التاريخ لمن يريد أن يدخل التاريخ.
فضلا عن ذلك فقد قام البوليس بتحويل مكان الوقفة من ساحة باردو إلى شارع 20 مارس، حيث وضعت عشرات السيارات والمدرعات وعدة مئات من الأمنيين، وأغلقت كل الشوارع والأنهج المؤدية إلى مكان الوقفة، مع إجراء تفتيشات دقيقة جدا، أكثر من تفتيش للشخص الواحد، كما لو أنك داخل للمطار، وحواجز حديدية مضاعفة بكل مكان.
فبحيث رُعب يسكن فؤادا ما، وبحيث الحضور كان رغم كل تلك التضييقات والعراقيل ورغم عدم تمكن الآلاف الآلاف من الوصول، ورغم قيس سعيّد، ورغم الانقلاب.
مشهد: في عمارة في طور البناء مشرفة على الوقفة، قام أحد المتظاهرين بتعليق لافتة كتب عليها "لابد من برلمان تونسي"، لم تمر إلا بضع دقائق حتى قام الأمن بنزعها. للتذكير فهذا الشعار نفسه، وبالخط نفسه، رُفع في مظاهرات أفريل 1938، ولم يقع نزعها آنذاك. ونزعت اليوم.