عودة البرلمان هي إحدى نتائج الاستشارة. بمعنى أن فشلها الذريع شعبيا عرّى الانقلاب من أية قاعدة شعبية كان يدّعيها، وهذه القراءة من الوضوح بحيث لا يمكن أن تغيب عن مراقب أو متابع للوضع داخليا وخارجيا.
أضف إلى ذلك أن الانقلاب أراد أن يخفي هزيمته النكراء بالادعاء بأن استشارته كانت ناجحة، وكان هذا الادعاء في حد ذاته مثارا للسخرية. فكيف لمشاركة لم تحصل على ما نسبته 1 على 10 من عدد المعنيين بها، أن تعتبر ناجحة؟ وهل من يقول بذلك يمكن أن يسمح بديمقراطية؟ القراءة الصحيحة للاستشارة أنها فاشلة، والنجاح بالتالي يقع في موضع آخر.
بقي أن آخر مؤسسة أودعها الشعب صوته هي المؤسسة البرلمانية، مجلس نواب الشعب. وكان من الطبيعي إذن أن يجتمع البرلمان، واجتمع. والموضوع هو الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في الفصل الأول المجلس قرر بأغلبية مريحة أن يشطب الأوامر الاستثنائية. بقي الفصل الثاني هو الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
الدليل على فشل الاستشارة هو صمت أصحابها عن التصريح بنتائجها، رغم مرور عشرة أيام كاملة على انتهائها. ومن الواضح أن الشعور بالفشل يمس مفاصل الانقلاب. والدليل على نجاح الجلسة العامة للبرلمان ليس فقط تصويت أغلبية النواب على إلغاء التدابير الاستثنائية، وإنما ظهور رئيس الجمهورية والتوتر باد عليه، ليعلن عن حل البرلمان اعتمادا على الفصل 72، رغم أن هذا الفصل لا ينص على حل البرلمان، ورغم أن الرئيس نفسه كان قبل يومين أعلن أن الدستور لا يسمح له بحلّه، وإذ حلّه، فمعنى ذلك أن البرلمان له سلطة فعلية، وهو مؤسسة ذات تمثيل شعبي، رأينا أنصارها في الشوارع خلال الأشهر السابقة، ولم نر مثلهم من أنصار الرئيس، لا عددا ولا خطابا.
وفي كل ذلك دليل إضافي على أن البرلمان له تمثيلية شعبية ذات اعتبار.