يحلو للنقابيين أن يقولوا بأن اتحاد الشغل خيمة تجمع الجميع. بالفعل كان ومازال كذلك، كانت فيه تونس الحقيقية وليست تونس التي اصطنعتها السلطة، في أزمنة حزبها الواحد أو أزمنة أحزابها الكرتونية.
كانت الاتحاد ومازال هو تونس التي فيها كل الجهات وكل الفئات وكل الأفكار، وهو ما جعله حقيقة وفعلا منبرا للديمقراطية. غير أن كثيرين -لقصور فيهم هم- يحاسبون الاتحاد على تصريح قيادي فيه، أو على موقف البعض من داخله في لحظة أو في أخرى، قصور يعود إلى أنهم لا يعرفون التنوع والديناميكية والديمقراطية التي عاش عليها الاتحاد ومازال، وما يعرفه أكثر من أي طرف آخر من بحث متواصل عن التوازن بين كل المكونات.
نعم في الاتحاد قيادات من تيارات عدة، بما فيها الوطد والقوميين القريبين من حركة الشعب أكبر طرفين إيديولوجيين وسياسيين مؤيدين للانقلاب، وقد استطاع ممثلوهم أن يصعدوا إلى هناك ديمقراطيا، ومن الطبيعي بالتالي أن يؤثروا على الموقف العام للاتحاد.
لكن من الواضح أن المسألة لن تبقى حيث هي، والديناميكية التي يعرفها الاتحاد، لا تقود إلا إلى الاختلاف في آخر المطاف مع البناء الجديد الذي لا يعترف بالوسائط بما في ذلك اتحاد الشغل، وقد أشار الأمين العام نور الدين الطبوبي في كلمته يوم 5 مارس إلى عدم تفاعل النظام مع مبادرة الحوار الوطني وإلى المساس بحرية العمل النقابي. وهو ما ينعكس في آخر المطاف على المواقف داخل القيادة النقابية من 25.
لكن الأكيد أثناء ذلك أن ما أزعج البعض حقا هو التحية التي وجهها نور الدين الطبوبي من ساحة محمد علي إلى المعتقلين السياسيين في المرناقية. وهو ما بدأنا من الغد نلمس أصداءه في مواقف بعض القواعد النقابية القومية والوطدية على شبكات التواصل الاجتماعي. لا يهم. هكذا يتحرك التاريخ دائما.
يبقى أن الاتحاد خيمة للديمقراطية، بقدر ما هو مفتوح ويسع لكل مكونات الساحة إلا من أبى.