"الفوت أوتيل" هي من العبارات المفتاحية في الانتخابات التشريعية لسنة 2014، مثلها مثل "قطع الطريق" على المرزوقي في الانتخابات الرئاسية في نفس السنة، وقد دخلت العباراتان التاريخ، وها أنهما تعودان هذه الأيام في إطار السجال أو الصراع الدائر بين شقي الجبهة الشعبية الرئيسيين، حزب العمال أو البوكت سابقا من جهة والوطد من جهة أخرى.
حيث أصبح الفوت أوتيل وقطع الطريق يعتبران اليوم خطأ سياسيا رماه أحد الطرفين على الطرف الآخر، متملصا من ذلك الموقف المشين والحق يقال، رغم أن البيان الذي نصّ يومئذ على قطع الطريق صدر باسم الجبهة الشعبية بتمامها، بما فيها من أطراف نتبين اليوم أنه لم يكن لها ناقة ولا جمل لا في اتخاذ الموقف ولا الاستفادة منه.
إلا أن السؤال المهم الذي كان يجب طرحه منذ انتخابات 2014، ما هو الثمن الذي قبضه كل طرف مقابل ذلك الموقف الوازن؟ أم كان يكفي المكونين الأساسيين، الوطد والبوكت، سقوط المرزوقي والتعفف بعد ذلك على قبض الثمن؟
كلا في اعتقادي، ويكفي في هذا الإطار أن نتذكر طاقم المستشارين في قصر قرطاج مباشرة في الأيام والأشهر الأولى من العهدة الرئاسية للباجي قايد السبسي، بخلفيتهم الإيديولوجية وماضيهم النضالي، وليس من الصعب تبين الماضي الوطدي للكثير منهم، ولا يمكن أن يكون ذلك من باب الصدفة، وها إننا نتبين من خلال السجال الدائر اليوم الدور الرئيسي للوطد في دعم الباجي قايد السبسي في تلك الانتخابات.
صحيح أن الرئيس قد تخفف من عدد من أولئك المستشارين مع مرور الأشهر والأيام، بالتوازي مع ما عرفه حزب نداء تونس من تشققات متتالية، إلا أن حضورهم مازال وازنا ومؤثرا، بقدر وزن الناطقة الرسمية سعيدة قراش التي لا ننسى أنها كانت في انتخابات 2011 على رأس قائمة الوطد في الدائرة الانتخابية بالمهدية.
فهل أن المنصب الذي تحتله جاء لكفاءتها الشخصية أم مقابل قطع الطريق على المرزوقي؟ البوكت أيضا معني بمثل هذا. وإلا ما الذي مكن بن تيشة المناضل القديم في البوكت، من الوصول إلى قصر قرطاج، دون أن يتراجع دوره خلال الخمس سنوات كاملة؟
يبقى السؤال فقط، هل أن ذلك كان تفضلا من المستفيد المباشر من الفوت أوتيل أي الباجي قايد السبسي أم نص عليه توافق لم يعلن عنه؟