أقصد "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، قلما أتحدث عنها في تدويناتي، بقدر غيابها عن القيام بدورها المفترض، أقول المفترض، لأنه واقعا عناصرها أو قياديوها أحرار في أن يستقيلوا أو يصمتوا أو يختاروا متى يتكلمون ومتى يصمتون،
وفي وضعها الحالي فمجرد الحديث عنها يحييها، بعد أن فقدت صلتها بالتراث الحقوقي الذي يعود إلى الجيل الأول من الحقوقيين التونسيين الذين لم تمنعهم انتماءاتهم السياسية والإيديولوجية من أن يلتزموا بالنضال الحقوقي. لقد انتهى ذلك الزمن من زمان، وعلينا أن ننتبه إلى أن البصمات التي وقعها الجيل الأول من الحقوقيين التونسيين قد امحت تماما.
الرابطة الحالية رهنت مواقفها وتاريخها وصورتها وجائزة نوبل لدى الحزب أو الحزبين المكونين لها. فقد تحولت إلى مجرد ذيل لهما. نتذكر الجدل الذي صاحب المؤتمر الأسبق للرابطة والعركة في قيادة الرابطة بين المكونين الأساسيين لليسار السياسي وهما الوطد والبوكت، وأية علاقة لهما بالنضال الحقوقي، بعيدا بعيدا عن النضال الحقوقي تماما في قلب العمل الحزبي.
و إذا كان الوطد داعما أساسيا والمستفيد الأكبر من منظومة 25، فهل نتوقع منهم في الرابطة أن يقوموا بدور حقوقي؟ من الخَبَل أن نتوقع ذلك. وبالتالي فالرابطة أصبحت عمليا تماما مثل آلاف الجمعيات الموجودة قانونيا والتي لا وجود لها عمليا، والحديث عنها من شأنه أن يغذيها أو يحييها، وهي بعدُ جثة هامدة.
وأعتذر عن الحديث عنها، لأن كل حديث عنها، يعتبر إحياء لها وهي بعد قد اختارت الموت، والضرب في جثة مثلها حرام كما يقال.