قال سامي الطاهري: "الحوار الوطني يجب أن لا يشارك فيه من حكم في العشرية الأخيرة". نفهم من ذلك أنه يرحّب فيه بمن حكم قبل العشرية الأخيرة من جماعة العهد النوفمبري، الأصليين والوظيفيين. في المقابل فإن الوطد غير معني بهذا المسمى حوارا وطنيا، بسبب مشاركة عدد من عناصره في حكم العشرية الأخيرة، من عبيد البريكي إلى سمير بالطيب ومحسن مرزوق وآخرين.
ونفهم من كلام سامي الطاهري أيضا، أن الاتحاد العام التونسي للشغل خارج الحساب أيضا، لأن عددا من قيادييه وخبرائه تقلدوا الوزارة في كل حكومات العشرية الأخيرة بدعم من القيادة النقابية. حسين الديماسي والطيب البكوش وعبد الجليل البدوي وأنور بن قدور في حكومة محمد الغنوشي في 2011، الطيب البكوش في حكومة الباجي قايد السبسي في 2011، ثم حسين الديماسي في حكومة حمادي الجبالي في 2012، وعمار الينباعي في حكومتي المهدي جمعة والحبيب الصيد بين 2014 و2016، عبيد البريكي ومحمود بن رمضان والطيب البكوش في حكومة الحبيب الصيد في 2015-2016، هشام بن أحمد وسمير الطيب في حكومة الشاهد بين 2016 و2020، ألفة بن عودة في حكومة المشيشي ومحمد الطرابلسي في حكومات الشاهد والفخفاخ والمشيشي بين 2016 و2021. بمعنى أن الاتحاد من أهم الأطراف المشاركة في الحكم طيلة "العشرية الأخيرة".
وعلى كل فإن مقاطعة هذا "الحوار" تعتبر شرفا، وسيفتخر بها الاتحاد لو لم يشارك في هذه الحوار الأبتر، لأن المشاركة فيه تعني القبول المسبق بمخرجات استشارة لم يقع استدعاؤه في تحضيرها ولا حتى للمشاركة فيها عن بعد. في حين أن عدم المشاركة في ما سمي بالحوار، تعني الانسجام مع الموقف الشعبي المقاطع للاستشارة الفاشلة. موقف الاتحاد يكون أقوى لو وقف خارج هذا الحوار.
عندما تكون نتائج الحوار مضبوطة مسبقا فهذا لا يسمى حوارا، وإنما هو محاولة لفرض أجندة قيس سعيد على الجميع، وعندما يقتصر الحوار على منظمات المجتمع المدني، دون الأحزاب السياسية، فهذا الحوار لا يسمى حوارا سياسيا، وعندما يقتصر على الموالين والمساندين، فهذا لا يسمى حوارا أصلا، لأن الحوار يتم بين المختلفين، وليس بين المتماثلين.
ومثله لا يمكن اعتباره حوارا وطنيا، ليس فقط لأنه لا يمثل كل الأطراف السياسية الفاعلة وهو يكرس تقسيم الشعب التونسي ويشق الوحدة الوطنية، وإنما أيضا لأن هدفه ليس الداخل وإنما هو استجابة للضغوط الخارجية التي تشترط منح أي مساعدة بالحوار الداخلي. غير ذلك فالحوار الوطني هو الذي يشارك فيه الجميع ويطرح فيه كل شيء على الطاولة.