في جو الانسداد السياسي، لم يفتح رئيس الجمهورية قصر قرطاج إلا لقيادات من حزب التيار الديمقراطي ومن حزب حركة الشعب الذين استقبلهم أكثر من مرة خلال المدة الفارطة، وهو ما يؤشر على درجة التنسيق والتشاور فيما بينهم. وآخر من استقبله أمين عام حزب حركة الشعب يوم 4 ماي الجاري، وبقطع النظر عما جاء في صفحة رئاسة الجمهورية على الفيسبوك، فإن ذلك يعني:
1- أن موقفه السلبي من الأحزاب قد تبدّل، ونذكر هنا بموقفه المبدئي منها إذ كان يعتبرها قد تجاوزها الزمن، وقد دلل عمليا على موقفه من خلال تهميش خياراتها لرئيس الحكومة، وسمى من خارجها ومن غير اختياراتها ولا حتى توقعاتها.
وها هو الآن يستعين بحزب حركة الشعب، دون حزب التيار الديمقراطي بما يدل على درجة من التمييز بينهما حتى وإن كانا يشكلان نفس الكتلة البرلمانية. ومهما يكن من أمر فإن اللجوء إلى حزبين أو حتى حزب واحد جاء تحت تأثير الضغط الذي تمارسه المنظومة الحزبية في البرلمان وحتى خارجه.
2- أن قيس سعيد يؤكد أنه رئيس بعض التونسيين دون بقيتهم، وهو ما جعله يقرب أو يتقرب من قيادات حزب دون بقية الأحزاب، بما يدل على أنه لا يقف منها على نفس المسافة، إذ يستشير البعض ممن جعلهم أهلا لثقته بينما البقية عنده فاسدون ومنافقون ولاوطنيون الخ.
3- أن قيس سعيد يورط عمليا معه حزب حركة الشعب في مسؤوليته عن المواقف التي يتخذها، ومشاركته التأويلات -حتى الغريبة منها- التي أعطاها للدستور. وإذ لم يظهر في الصورة حزب التيار الديمقراطي، فإن ذلك قد يعكس نوعا من البرود المتبادل أو الاختلاف الضمني في بعض ما ذهب إليه قيس سعيد في تأويلاته الأخيرة. وفي المقابل يبدو وكأنه لم يبق له من التبعية اللامشروطة إلا حزب حركة الشعب.