تحمسا منهم لانقلاب 25 يوليو، فإن عدة أطراف تصف كل ما جاء قبله بالسلبية، فتراهم في خطبهم وبياناتهم يتكلمون عن العشرية الماضية (2011-2021)، إلا أن العجيب أنهم هم أيضا ساهموا فيها بقسط وفير، وهي بالتالي جزء من تاريخهم ليس من موقع المعارضة وإنما من موقع المشاركة. ويكفي أن نعدد الأدوار التي قاموا بها والتي تتوزع عليهم كما يلي:
1- تنسيقيات قيس سعيّد، والذين يمتّون إليها بصلة، لا بأس أن يتذكروا أن قيس سعيد كثيرا ما وقع استشارته منذ 2011، ولهذا الغرض استقبله الرئيس المرزوقي ودعي للبرلمان مرات، ثم أنه تولى الرئاسة منذ أكتوبر 2019، وله بالتالي من تلك العشرية سنتان كاملتان تقريبا. وقد تزامن وجوده بقصر قرطاج مع كورونا والجفاف وتراجع الاقتصاد في سنة 2020 بثمان نقاط كاملة لأول مرة في التاريخ المعاصر. وخلال السنتين اللتين قضاهما بقرطاج عين الفخفاخ ثم المشيشي رئيسي حكومة من خارج خيارات الأحزاب. فكيف يمكنه أن يتفصى من مسؤوليته على ما وقع خلال سنتين؟
-قوّادة الشُّعَب التجمعية ممن عادت إليهم الحياة بقوة وهو يحومون حول قيس سعيّد، هل نسوا قياداتهم في التجمع حتى نذكرهم بأبرزهم ممن كانوا في فترة أو أخرى أعضاء في الديوان السياسي أو اللجنة المركزية للتجمع، منهم فؤاد المبزع الذي تولى الرئاسة بين جانفي وديسمبر 2011، والباجي قايد السبسي الذي عين وزيرا أول في 2011، وتولى رئاسة الجمهورية بين 2014 و2019، ومحمد الناصر رئيس البرلمان بين 2014 و2019 ثم رئيس الجمهورية، أما الوزراء فقد تجاوز عددهم الثلاثين خلال العشر سنوات، بل أن حكومة هشام المشيشي هي فعليا حكومة منظمة طلبة التجمع. فهل كنتم بعيدين عن نتائج السنوات العشر؟ كلا.
-حركة الشعب أيضا لها نصيبها من الحكم خلال السنوات العشر، ولا يمكنها بالتالي التفصي من مسؤوليتها، فقد تولى عدد من قيادييها الوزارة في 2013 ثم في 2020. فكيف تتفصى حركة الشعب من شيء هي مساهمة فيه؟
-الوطد أيضا عين عدد منهم وزراء، وكانوا تحت عناوين أخرى أهمها الجناح اليساري لنداء تونس، يكفي أن نذكر منهم عبيد البريكي المتزعم الآن لحزب صغير يستمد وجوده من مؤازرة الانقلاب، بل حتى في البرلمان رئاسة اللجنة المالية كانت للمنجي الرحوي. فكيف يمكنهم أن يتفصوا من نتائج العشرية.
-يمكن أن نضيف أيضا وزراء الاتحاد العام التونسي للشغل الذين لم يغيبوا عن أي حكومة منذ 2011، آخرهم محمد الطرابلسي. أفلا ينال سواد العشرية أولئك الوزراء الاتحاديين؟
الملفت للانتباه أن تلك الأطراف السياسية والإيديولوجية رغم أنها كانت جزءا من المنظومة فهي تتبرأ بكل قوة مما تسميه بالعشرية "السوداء" وكأن ذلك لا ينال من نزاهتهم ومن مصداقيتهم، بقدر ما يعبر عن دواخلهم هم، أو كأن أن ما يقولونه يمكن أن ينطلي على الناس.