أعتقد أنها مهمة، ليس فقط لأنها تفتتح السنة السياسية المضادة للانقلاب، بحضور جماهيري واسع، يؤكد شعبية المعارضة للانقلاب، وإنما أيضا لأنها استئناف لعمل سنة كاملة نزعت الشرعية والمشروعية عن 25 جويلية، وهي رسالة إلى الانقلاب بأن برنامجه لن يمر بسهولة،
كما أنها رسالة إلى الجميع في الداخل والخارج بأن جبهة الخلاص رقم صعب ولا يمكن تجاوزها. والأهم من ذلك أنها بموعدها في 15 أكتوبر ربطت النضال ضد الاستعمار بالنضال ضد الاستبداد، إذكاء للروح الوطنية، بما يضع الانقلاب ومؤيديه في الجبهة المقابلة.
في الأثناء انتظر البعض من هذه المظاهرة أن تسقط النظام، وربما كان ذلك على خلفية تواتر التحركات الشعبية من جرجيس إلى حي التضامن، فرأوا في مظاهرة اليوم تتويجا لتلك التحركات الغاضبة، والتتويج يكون بإسقاط النظام، وهذا تقدير خاطئ منذ البداية.
إلا أن المظاهرة في المقابل أعطت الدفع للتحركات الشعبية وستزيدها جرأة ومضيا، وستتوسع التحركات ذات الصبغة الاجتماعية في الأسابيع القادمة احتجاجا على فقدان المواد الأساسية وارتفاع أسعارها وتدهور المقدرة الشرائية وازدياد الفقر..
لكن من المهم أن نلاحظ إلى جانب ذلك، أن المظاهرة شكلت منذ إعلانها رعبا لأنصار الانقلاب، وهذا يبرز من خلال تعليقاتهم التي تلت انتهاء المظاهرة، فكشفوا عن دواخلهم المرتعبة، ويتألمون في صمت وفي خوف من الغد. هذا من النتائج الجانبية للمظاهرة. إن لم يتحقق منها غير هذا، فقد حققت هدفا كبيرا وإن كان غير منتظر. يتألمون.