كثيرا ما أكرر أن المحلي يفسّر ما يجري على مستوى وطني. ومن هذه الزاوية أتناول نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا في الدوائر التابعة لولاية قبلي.
للتذكير:
-أولا أن ولاية قبلي كان يمثلها 5 أعضاء، فأصبحوا 3 طبقا لمرسوم ما بعد 25 جويلية. بمعنى تراجعت تمثيليتها من 2.28% في البرلمان السابق الذي أفرزته الانتخابات الديمقراطية في 2011 و2014 و2019 إلى نسبة 1.86% فقط في "برلمان الرئيس".
- ثانيا أن الدوائر الثلاث التي ضبطها مرسوم ما بعد 25 جويلية، غير متقاربة في عدد ناخبيها، وتكفي المقارنة هنا بين (دائرة الفوار ورجيم معتوق) التي يبلغ عدد الناخبين فيها 14 ألف و(دائرة قبلي وسوق الأحد) التي يبلغ عدد الناخبين المسجلين فيها 81 ألف، أي أن دائرة تساوي حوالي 6 أضعاف دائرة أخرى.
وبالنسبة إلى الانتخابات الأخيرة، كان مجموع الناخبين المسجلين في الدوائر الثلاث 128 ألف وعدد المقترعين منهم 15 ألف أي أن نسبة المشاركة المعلنة حسب المحاضر تبلغ 11.7%. وهي نسبة قريبة من النسبة المعلنة على مستوى وطني، ولست في حاجة للتذكير بأنها أضعف نسبة مشاركة في انتخابات سبق أن جرت في تونس.
خلال الدور الثاني اتضح ما يمكن ملاحظته في الدور الأول وهو أن هذه الانتخابات أثارت النعرة العروشية، حتى أن الذي نجح في دائرة الفوار رجيم معتوق هو الذي كان تحصل على الرتبة الثانية في الدور الأول، ولا أدل من أن عدد الأصوات التي حصل عليها ارتفع من 956 إلى 2366 صوتا.
النتائج أسفرت عن فوز اثنين من حركة الشعب دون الإعلان عن أنهما من حركة الشعب، أحدهما عن (دائرة قبلي سوق الأحد) والثاني عن (دائرة دوز)، وقد حصلا معا على 5979 صوتا، بعد أن كانا حصلا في الدور الأول على 3940 صوتا، ويمكن تفسير الفارق بين الرقمين بدخول عامل العروشية على الخط. وعلى كل فإن هذا العدد يعني أن حركة الشعب تحصلت على نسبة 4.6% من العدد الجملي للناخبين في ولاية قبلي، أما إذا اكتفينا بالدور الأول فإنها تحصلت على 3.0% فقط. وهذه النسبة الأخيرة هي التي مكنتها من البقاء للدور الثاني.
للمقارنة فقط مع الانتخابات الديمقراطية لسنة 2019، فإن حركة الشعب أحرزت آنذاك على 8226 صوتا أي أنها تراجعت 2247 صوتا إن اعتبرنا الدور الثاني أي نسبة التراجع بلغت 28%، أما إذا اعبرنا أن عدد قاعدتها الانتخابية هي التي عبر عنها المقترعون في الدور الأول فإن تراجعها بلغ 53%.
نعم تراجعت حركة الشعب بولاية قبلي إلى ما دون نصف ما كانت عليه في ظرف ثلاث سنوات. وربما يعود ذلك ليس لموقفها من انقلاب 25، وإنما لتضخم عدد ناخبيها في 2019 بحكم التداخل بينها وبين الصافي سعيد آنذاك، باعتبارها قد رشحته في الانتخابات الرئاسية آنذاك، فصوت لها من كانت له ثقة فيه.
والأكيد في كل الحالات أن اثنين من ثلاثة من أعضاء يمثلون قبلي في برلمان الرئيس، قد نجحوا فقط بنسبة لا تفوق 4.6% من أصوات الناخبين المسجلين، وهي نسبة لا تعطي أي شرعية للمشاركين فيها ولا للمؤسسة التي يشكلونها ولا لأي أمر يصدر عنهم أو عنها.