أنا منخرط في الاتحاد العام التونسي للشغل، ويقتطع انخراطي شهريا من أجرتي، فلا يزايدن أحد علي هنا، إلا أن الانخراط في الاتحاد لا يعني الالتزام بما تقوله بعض قياداته التي لا تمثلني في بعض مواقفها، وأنى لها أن تمثلني في مواقف إيديولوجية أو حزبية للبعض منها أو مواقف سياسية لم تنتخب من أجلها ولم تتضمنها وعودها الانتخابية؟ وهل كان لمثل هذه القيادات أن تمثلني أو حتى تمثل الاتحاد مثل اصطفافها إلى جانب المخلوع ودعواتها للتظاهر دعما له في الانتخابات؟ ومواقف أخرى شبيهة إزاء بعض الأحزاب أو الأطراف السياسية أو الدبلوماسية؟
المناسبة ما قاله سامي الطاهري حول الوقفة الاحتجاجية التي تمت يوم 18 سبتمبر إذ قال بأن "الاتحاد يرفض أي تحرك يقسّم التونسيين ويدفع إلى التصادم". هذا ينطبق عليه كلمة حق يراد بها باطل، بمعنى أن كلامه يبدو سليما في المطلق، لكن كنا نصدقه لو جاء بعد الخطب الرئاسية التي لم تكن تهدف إلا إلى تقسيم التونسيين، فمن يسانده هو "الشعب يريد" وهو يمثله وينطق باسمه والباقي جراثيم وفيروسات وخونة وعملاء، وكذابون، ومنافقون، وفاسدون. فهل هناك أوضح من هذا لتقسيم التونسيين؟
وأن يصمت سامي الطاهري لسبب أو لآخر، شخصي أو حزبي، خوفا أو غفلة أو طمعا، فهذا لا يعطيه أحقية أن يعبر اليوم عن خشيته من تقسيم التونسيين بوقفة مواطنية سلمية يتمسك أصحابها بالدستور وبالحرية وبالديمقراطية. وللتذكير هنا فقد كانت بعض قيادات الاتحاد تسارع بدعم اعتصامات أقل شأنا في أهدافها وفي المشاركة فيها، وتعبر عن مساندتها حتى لقطع طرقات وإيقاف الإنتاج، ولم يُعِب عليها أحد ذلك، رغم حقنا في ذلك باعتبارنا من مموّلي الاتحاد.
وأما وقفة 18، فإن أصحابها مواطنون يضمن لهم الدستور حق التظاهر، ولم يستفتوا قيادات الاتحاد ولم يطلبوا دعمها، ولا هي تمسك تأشيرة السماح لهم بالاحتجاج أو التظاهر، وبالتالي فليس لهذه القيادات الحق في رفض احتجاجهم اللهم إن كان سامي الطاهري يريد أن يعبّر عن دعمه لقيس سعيد مثلما فعل التيار السياسي الإيديولوجي الذي يمثله، فهو حر في ذلك، لكن ليس باسمنا، وهو لا يمثلني، حتى وإن كان في قيادة الاتحاد.