مكلمة نادية سمعها الجميع بعد أن تناقلها شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تكشف أكثر مما خطط لها الماسك بالمقص الذي أراد أن يبعد الأنظار عنه وعن زملائه المكلفين بالتنصت والتسجيل. وهي مناسبة لنتذكر الحقوقيين الذين لم يعد يعنيهم الأمر ولا البحث عن قانونية التنصت ولا المطالبة بأن يصدر الأمر بإذن قضائي، ولوقت محدد.
فالتسجيل كما هو واضح قد تم، ولم يقف الأمر عند ذلك وإنما تم التصرف في ما وقع تسجيله بالقص واللصق والحذف. وهذه العمليات لا تخرج بطبيعة الحال عن الجهة صاحبة التسجيل، وهو ما يعني أنها لا تتورع عن القيام أيضا بالفبركة والتزييف، بعيدا عن المهنية التي تعني في الأصل تحري الحقيقة وليس مغالطة الرأي العام.
وما حصل في آخر المطاف لا يجدر بالجهة المكلفة بالتنصت والتي سمحت لنفسها بالتسجيل والفبركة وصولا إلى التسريب. وواضح من كل ذلك النتيجة إن لم يكن الهدف وهو التشويه والتوريط والتزييف، وكيف تسمح جهة من الدولة لنفسها أن تقوم بذلك في حق شخص مهما كانت درجة الاختلاف معه، وإذا كان المستهدف اليوم هي نادية عكاشة الوزيرة مديرة الديوان الرئاسي سابقا، فلا غرابة أن يستهدف غدا غيرها من الفاعلين في الساحة السياسية أو في المجتمع المدني. وكل ذلك ينال في آخر المطاف من الدولة ومن مؤسساتها ومن الأمن العام.
نعم إن التسريب ينال من الوزيرة السابقة التي قامت بدور السيدة الأولى لأكثر من سنتين شمسيتين. ولا شك أن النيل منها ينعكس على من اختارها شخصيا ليس فقط لأن التسريب تضمن كلمات جارحة في حقه بمناسبة حديثها عن يوم لقائه مع ماكرون، واستنكارها لما قام به يومها، وإنما أيضا لأنه اختارها لتعمل معه وكانت تحضر كل اجتماعاته وكل لقاءاته تقريبا، بما في ذلك اجتماعات مجلس الأمن القومي، والنتيجة أن الخطأ في اختيارها لا يقل عن اختيارات أخرى خاطئة ولا يقتصر ذلك على المشيشي وإنما يشمل الفخفاخ وكثيرين آخرين في مواقع شتى. ولعل صاحب التسجيل من بينهم.
وما قام بتسريبه يكشف عن ذلك، والأكيد أنه قصد النيل من قيس سعيد من حيث أراد النيل ممن كانت تحظى بثقته المطلقة. وهو ما يعتبر فصلا من فصول صراع الشقوق المحتدم هذه الأيام، وهو عادي في وضع قاتم، إلا أن المؤسف أن تنخرط فيه أو تذكّيه بعض الأطراف المحمولة على النزاهة والوقوف بعيدا إزاء الجميع.