أكيد تتذكرون هذا العدد الذي قالت يومها وسائل الإعلام المصرية بأنه عدد المشاركين في ثورة 30 يونيو، الذين أعادوا العسكر إلى الحكم في مصر وأعادوا بالتالي المنظومة القديمة بدون مبارك، تحت غطاء تصحيح ثورة 25 يناير 2011 التي غدت -بعد مرور سنوات- ملعونة في نفس وسائل الإعلام تلك.
33 مليون، هذا الرقم لا يصدّقه متابع، لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن أن يوجد شعب يكون ثلثه من الأغبياء، صحيح البروبغندا يمكن أن تفعل فعلها في نشر كل الرذائل، ولكن ليس إلى درجة التأثير على ثلث شعب كامل، فبحيث لا يمكن أن يخرج 33 مليون من أجل استعادة حكم العسكر ليحل محل ما اكتسبوه من حرية، وليتخلوا طوعا عن كرامتهم وإنسانيتهم.
وكان من باب الدفاع عن شعب مصر الذي تعلمنا منه الكثير، القول بأن عدد المتظاهرين يومها لا يمكن أن يبلغ 33 مليون، وأن ذلك العدد يعتبر أكبر كذبة، وأكبر إهانة للشعب المصري نفسه، بقدر ما يدلل -لو صدقناه- على انتشار الغباء والسفاهة.
وبالفعل لم تكن التقديرات المبنية على مؤشرات دقيقة تفوت 3 ملايين آنذاك، وهو ما يمكن التأكد منه من خلال عدد المشاركين في الاستحقاقات الانتخابية المصرية التي لم يحضر فيها أبدا 33 مليون، وإنما هذا العدد هو حاصل ما قامت به البروبغندا حين ضاعفت العدد الفعلي أكثر من عشر مرات، حتى تبين أن ما سيحدث هو طلب شعبي. وأن من يمسك بالسلطات إنما كان ذلك بتفويض شعبي كاسح.
نعم كان يوجد من بين ذلك العدد، بعض الرموز السياسية والثقافية والفنية الخ، إلا أن وجودهم لا يعني الشيء الكثير، والأكيد أن عددا منهم كانوا تحت الابتزاز، وآخرون أفقدتهم الثورة امتيازاتهم، وآخرون كانوا بطبيعتهم صنائع المنظومة السابقة، وآخرون كانوا يأملون في الجزاء والعطاء من السادة الجدد، وآخرون سذج وصادقون، وهؤلاء كما هو واضح قد ندموا بعد ذلك بأشهر، فإن لم يكن فبسنوات قليلة، حين وجدوا أنفسهم وراء القضبان أو وراء الحدود، أو في وضعية الاستبعاد، فلم يعد يسمع بهم أحد، ولا بقيت لهم رغبة للتعبير عن مواقفهم من أي شيء. وكأنهم توفّوا مع من توفّي في تلك الصائفة وسط النار وفي الصمت.
كان ما قيل يومها مجرد كذبة.