من خلال موقفه من 14 جانفي، هو يخترق مرة أخرى الدستور الذي كان أقسم على احترامه، لم ننس، ويقسّم الشعب، بعد أن جمع المؤسسون بين 17 و14، وها هو يقرّر لوحده دون نقاش مع أحد، ويعترف ب 17 ويشطب على 14، والحقيقة لولا 17 ما كانت 14 ولكن أيضا لولا 14 ما كانت 17، اسألوا الحوض المنجمي لو شئتم، نصف سنة وهم يقاومون، ولكن فشلوا في فعلهم رغم صمودهم، لأنه لم يعاضدهم من نزلوا يوم 14.
موقفه من 14 يدل على أنه لم ينزل إلى الشارع يومها، وإنما بقي يتابع من وراء الشاشات، وهذا بالضبط ما قام به الكثير من التجمعيين الخائفين من ردود الأفعال يومها. وفي ذلك دليل على أنه لم يشارك في 17، ولم يحفظ له التاريخ والشعب أنه شارك في يوم من أيام تونس السالفة ولا اللاحقة قبل 14، ولا كان في تالة والقصرين ولا في صفاقس يوم 12 جانفي العظيم. وإنما هو يزايد بما وقع في 17 على من نزلوا يوم 14، أو كأنه ينتقم منهم بتتفيه فعلهم يومها. فعلهم أيها السيد، هو من دفع المخلوع للفرار، وحينئذ فالثأر من 14 هو ثأر للمخلوع.
تاريخيا التجمهر في العاصمة يسبب الخوف والجزع، وقد رأينا هذا أخيرا في 18 و26 سبتمبر وفي 10/10 و14 نوفمبر، وقد أدى تجمهر مثلها في قطع رأس النظام يوم 14 جانفي المجيد، ومن هنا لا حاجة إلى 14 حتى لا تكون مناسبة للتجمهر مجددا، ولا بأس من زيارة سيدي بوزيد وحدها يوم 17، فهي بعيدة عن شارع بورقيبة.
أكثر من 14، شهر جانفي هو شهر الانتفاضات الشعبية، منذ 18 جانفي 52 ضد الاستعمار الفرنسي، والشهر نفسه شهد أول مظاهرة ضد بورقيبة في زمن الاستقلال، 17 جانفي 1961 بالقيروان، وانتفاضة العمال في 26 جانفي 1978 وانتفاضة الخبز في 3 جانفي 1984، وفي 5 جانفي 2008 انطلقت انتفاضة الحوض المنجمي. وفي 14 جانفي المجيد، طرد الشعب جلاده.