غريب أمر المتكلمين عن السيادة، ينسونها في مناسبات ويتذكرونها في أخرى، من ذلك أنهم أطفؤوا كل الأضواء عندما تكلمت فرنسا، وتذكروها -أي السيادة- عندما تكلمت تركيا. تذكروا الاستعمار العثماني ولم يتذكروا الاستعمار الفرنسي.
الحقيقة أن الضفة الشمالية للبحر المتوسط كانت دائما تسعى إلى الهيمنة على الضفة الجنوبية، فقط كان هناك تنافس أو تداول بين شرق تلك الضفة وغربها طوال التاريخ تقريبا، الفينيقيون ثم اسكندر المقدوني (في حالة مصر) شرقا ثم الرومان غربا مقابل البيزنطيين شرقا، ثم الأسبان غربا مقابل العثمانيين شرقا، قبل أن يؤول الأمر إلى الاستعمار الفرنسي غربا. وما نراه الآن بين تركيا وفرنسا لا يخرج عن هذا.
فقط ما نلاحظه أن الأذرع الفرنسية هي التي تهيمن الآن، إلى حد أن أتباعها طالبوا بالتدخل الفرنسي بعد انتخابات 23 أكتوبر، تتذكرونهم بالاسم واللقب، ولم تكن فرنسا في حاجة إلى نداءاتهم الحارة، فهي أحرص على حمايتهم، من أجل مصالحها بطبيعة الحال، ولاشك فحضورها الثقافي والاقتصادي [هي الأولى من حيث الاستثمار والتبادل التجاري والسياح] وحضورها السياسي والإعلامي يجعلها هي الأقوى ميدانيا، بشركاتها ولغتها ومدارسها وبأحزابها -نعم- ونخبها وإعلامها، وعندما تحضر فذلك هو المطلوب عند كمبرادورها، ودورهم بالضبط هو التصدي لمن ينافسها على بلادنا، والمضحك عندما يتم ذلك تحت شعار السيادة الذي يحضر عندما يتعلق الأمر بمنافسيها، ويغيب عندما تكون هي سيدة الميدان، وكأنهم يقولون بأنها تعرف مصلحتنا. وجود مثل هؤلاء هو الدليل القاطع على أن الأمر لا يتعلق بالسيادة عندهم. برافو لوزير الخارجية الذي استدعى السفير التركي، ومازلنا ننتظره أن تكتمل السيادة باستدعاء السفير الفرنسي وسفراء الدول السبع.