عادي أن يمر الآلاف يوميا أمام رسوم الغرافيتي أو الجداريات بأنهج الأحياء الشعبية ولا ينتبهون إليها، رغم المجهود الذي يبذله رساموها، حيث المسؤول على رسمها ليس فردا، وإنما مجموعات من الشباب، ورغم الرسائل التي يضمنونها، بل وحتى رغم حرصهم على إظهار جماليتها، قلما يتوقف عندها البعض رغم وجودها في أماكن بارزة. وأن لا ينتبه إليها السياسيون أو المثقفون أو الباحثون فهناك مشكل ما في التواصل مع المجتمع أو مع الشباب تحديدا حين يعبر عن القاع الاجتماعي.
الغرافيتي أو الجدارية المرافقة رسمت بطريق كثير الحركة "بحي عيشة"، وهو أحد الأحياء الشعبية جنوبي العاصمة، غير بعيد عن سوق الجملة، والواضح أن رساميها من جمهور الكرة وتحديدا الترجي الرياضي التونسي، حيث يظهر جزء من اسمه وشعاره وألوانه الأصفر والأحمر. بطبيعة الحال جماهير النوادي الأخرى ترسم هي الأخرى مثل هذه الجدارية.
لسنا في حاجة إلى التذكير بأن الكثير من المثقفين أو عموم المهتمين بالشأن العام يترفعون عن الحديث عن الرياضة ويعبرون أحيانا عن سخريتهم ممن يهتم بها، وفيهم من يعتبرها أفيونا أو مضيعة للوقت أو في أحسن الحالات اهتماما ثانويا يشغل عن الاهتمام الأهم. ومن السياسيين من الجيل السابق من يعتبرها معينا للشعبية.
بالعودة إلى الغرافيتي المصاحبة، باستثناء اسم الحي "حي عيشة" وعبارتي "الرياضي التونسي" فإن بقية الكتابة كانت باللغة الإيطالية، وهي اللغة التي يحتاجها الحراقة، وكذلك تقليدا لألتراس النوادي الإيطالية.
>
جاءت هذه الجدارية تخليدا للذكرى 13 لظهور المجموعة التي تبنتها من خلال عبارة "13 سنة من الوفاء" [[13anni di fideltà]]، وأقرب تاريخ لذلك هو تاريخ ظهور مجموعة "فدائيي الترجي" في جانفي 2009، وحينئذ فإن رسم هذه الجدارية قد يعود إلى سنة خلت 2022.
كما نقرأ بأعلى الغرافيتي رسالة باللغة الإيطالية تعريبها إن "حينا خطير على كل أعداء حي عيشة" [[il nostro quartiere è un pericolo per tutti i nemici quartiere di Aicha]]، وهي رسالة موجهة إلى السلطة تحديدا، ونذكر في هذا الإطار بأن من الشعارات التي يكتبها الألتراس مفردة أو يضمنونها جدارياتهم الأحرف الأربعة التالية ACAB اختصارا لعبارة [[All Cops Are Bastards]] الموجهة ضد الشرطة تحديدا.
غير أن الرسائل السياسية لا تقف عند ذلك، وإنما نجدها في الكوفية والبندقية في إشارة إلى تبني المجموعة للقضية الفلسطينية، وهو ما يظهر كذلك من خلال استعمال عبارة "فدائيون" في تسميتها. وذلك يكشف أن هذا الشباب له مواقفه السياسية وهو يناصر القضايا العادلة، وقضايا الحرية.