الاعتذار..

Photo

عودة إلى موقف قيس سعيد من طلب فرنسا بالاعتذار عن الاستعمار. قال مر عليه 60 سنة. وكأن 60 سنة كافية لإسقاط الجرائم الاستعمارية والجرائم ضد الإنسانية.

أكيد قيس سعيد ومستشاروه لا يعرفون بأن الملك الإسباني خوان كارلوس اعتذر في 1992 على طرد اليهود الشرقيين من إسبانيا في 1492 أي بعد 500 سنة، وفي 2017 منحت إسبانيا أحفادهم الجنسية الإسبانية.

لم يسمع قيس سعيد بأن البرلمان الفرنسي صادق على القانون 2001-70 المؤرخ في 29 جانفي 2001 والمتعلق بالاعتراف بما يسمى بإبادة الأرمن المنسوبة إلى الأتراك، وبموجب هذا القانون طلب الفرنسيون من الأتراك بأن يقدموا اعتذارهم للأرمن.

قيس سعيد، هل سبق له أن فتح حوارا حول مطالبة فرنسا بالاعتذار على جرائمها الاستعمارية؟ من استشار من المتخصصين في التاريخ وفي الذاكرة؟ هل تضمنت حملته الانتخابية إشارة إلى أنه سيبيع الاعتذار بمشاريع؟ هل يسمح له الدستور بالتحدث باسم أجيال من التونسيين الذين واجهوا الاحتلال وقاسوا ما قاسوه من تقتيل وتشريد وسجن ونفي وتعذيب وحرمان؟ هل انتُخِب ليتصرف كما يحلو له مثلما كان يفعل الرؤساء قبله قبل 2011؟

سفير..

طبقا للدستور فالرئيس التونسي تنحصر مهامه في الدفاع والأمن القومي والشؤون الخارجية، الأمر واضح وسهل أيضا. ولكن عندما تسفر أول زيارة رسمية له عن النتيجة التي عايناها، فيجب أن نفهم ما الذي يجري في الشؤون الخارجية.

وباعتبار أن الزيارة تمت إلى فرنسا، قد يكون مفيدا القيام بإطلالة على السفارة التونسية في باريس، وهي -على فكرة- تعتبر تاريخيا من أهم سفاراتنا في الخارج، إن لم تكن أهمها مطلقا، لعدة أسباب منها أنها في عاصمة الدولة التي لها تاريخها الاستعماري في بلادنا، ولها مطامعها المستمرة، وكذلك بالنظر إلى أن فرنسا تحتضن بدون منازع أكبر جالية تونسية في الخارج، قوامها ما يقرب من مليون نسمة.

ومع كل تلك الأهمية، فالمكان شاغر، منذ نوفمبر 2019 أي منذ ما يقرب من 8 أشهر بعد أن قام قيس سعيد بعزل السفير التونسي في باريس، والعزل هنا أمر طبيعي باعتبار أن التغيير في رأس السلطة يؤدي حتما إلى تغيير الطواقم الدبلوماسية. مع الملاحظ هنا أن عزل السفير حدث في باريس دون غيرها من العواصم، وكأن هناك رضى عن بقية السفراء ممن عينهم قايد السبسي رحمه الله. أوكي.

لكن المشكل ليس هنا، وإنما في أن الجمهورية التونسية بقيت بدون سفير بفرنسا منذ ثمانية أشهر كاملة. وكأن الرئيس قد غفل عن الدبلوماسية التي تدخل بالتأكيد ضمن مهامه، أو أنه يعتبر أن فرنسا ليست بالأهمية لكي يعين فيها سفيرا على عجل وأن الأمر يمكن أن يستمر أشهرا. في المقابل مازال السفير الفرنسي بتونس يتصرف كما عهدناه قبل انتخاب قيس سعيد.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات