التحية التي وجهها كل من هيكل المكي، أبرز معبّر عن مواقف حزب حركة الشعب، وزهير حمدي رقم واحد في حزب التيار الشعبي، إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، بمناسبة يوم عاشوراء، لا تعكس موقفا مذهبيا وإنما موقفا سياسيا كما هو واضح. فهي رسالة إلى الدوائر المتنفذة في نظام "جمهوری اسلامی ايراﻥ".
ومع أن مثل هذه التحية لم يسبق أن توجه بها الحزبان أو من يمثلهما على الساحة التونسية، كما أنها في آخر الأمر لا تلزم إلا قائليها، فمثل هذا التقارب بين الطرفين ليس جديدا تماما، ويجدر التذكير في هذا السياق أن ممثليْن للحزبين، أحدهما أمين عام حركة الشعب، قد شاركا السفارة الإيرانية في احتفالاتها في فيفري الفارط بانتصار الثورة الإسلامية.
هذا التقارب يمكن إعادة سببه إلى الدعم الإيراني للنظام السوري، دون أن ننسى أن النظام السوري بدوره سبق وأن دعم إيران الخميني في الثمانينات في الحرب ضد نظام قومي آخر هو نظام صدام حسين في العراق، كما وقف المرحوم معمر القذافي، أمين القومية العربية، مع النظام الخميني ضد صدام حسين أيضا. هذا مجرد تذكير ببعض محطات التاريخ الراهن في العلاقة بين القومية العربية وإيران الإسلامية، ولمحاولة وضع موقف هذين الحزبين القوميين في سياقها.
غير أن الأمر لا يجب أن يتوقف عند ذلك، خاصة وأن القياديين البارزين هيكل المكي وزهير حمدي يعتبران من الشرسين على الساحة التونسية في محاربة الإسلام السياسي، والمفارقة هنا أنهما يلتقيان مع النظام الإيراني، الذي هو أول نظام للإسلام السياسي في الشرق الأوسط، إذ يقوم على حكم الملالي.
أكثر من ذلك فالثورة الإيرانية تكاد تكون هي القادح للإسلام السياسي في تونس وفي عموم المنطقة، والتقاء هؤلاء القوميين معها يكشف ازدواجية موقفهم من الإسلام السياسي، إذ هم ضده من جهة ومعه في نفس اللحظة، وهو ما يتعارض تماما مع المبدئية ومع الصدق، خاصة عندما يكون فاقدا لأي أساس نظري أو حتى ثبات إيديولوجي.