في السَّنة الثانية وزَّع علينا سي العَرْبي يَوْمِيَّة العَام الجْدِيد، باشْ نْجِيبُوا لَه حَـﭬْها مِن غُدوة. بعْد ما خْرجْنَا لحداش مٍ المَكْتَب مِشِيت نْطُل على أمّي كُوكَة، أم أمّي، كانت تُسْكُن في نهج النّصر اللّي يهِزْ للمَكْتَب، لْـﭬِيتْها تِسَّمَّس، ﭬِـعَدِت حذاها، تَوْ أنِي اليومية ما عِنْدِيش حَـﭬْها، وما نْـﭬِدِّش نـﭬُولِ لْها أعْطِيني فْلُوس، شْوَي جَتْنِي فكرة، نَنْسَخْها ونرَجِّعْها غُدْوَة للمُعَلِّم. جِبَدِت ورقة، وﭬسَّمِتْها أثْنَاش مُربَّع، وكل مربَّع ﭬسّمته لمربعات صغار سَبْعَة بالعُرض للأيَّامات وخمسة بالطُّول، وكتبت أسامي الشهور والأعْدَاد الكُل. وﭬدَّاش فرِحِت بيها كِي كَمَّلِتْها، وَرِّيتْها لأمّي كُوكة.
شدَّتْها من عِنْدِي، بِقَت اتِّمَـﭬَّل فِيها، مْعَ خشَّان الجِّمِّنِيَّة اللِّي تُسْكُن مْعَاها فِي نَفْس الحُوش، وَرّتْهَا لْهَا، أَشْبْحَيْ آش دَار مُحُمَّد وِلد مَيَّة. تِمَاطَتْها مِنْها وﭬَاتْ لِي: تَبِيعْهَا لِي؟ ﭬُلْتِ لْهَا: هِزِّيها بِلاش مَا يْسَالِشْ، تَوْ إنْدِير أُخْرَى. ﭬَاتْ لِي: نْبَصِّرْ عَلِيك، رَجِّعَتْهَا لِي ومَدَّت لِي مْعَاها عِشْرين فرنك، شْوَيْ أمِّي كُوكة حلَّت صُرَّتْها ومدَّتْ لِي منها عشرين زادة. مِنْ غُدْوَة خلَّصِتْ المَعلم.
في السّنة الثّالثة سِي العَرْبي طِلَب منَّا كُل وَاحِد يجِيب قِصَّة، القِصَص اللِّي جَابُوهم الذِّرْ نْتِفَكّر مِنْهُم الثَّلْجَة البيضاء، ذَاتُ الطُّرْطُور الأحْمَر، شَمْشُون الجبَّار، جلفَر فِي بِلاد العَمَالِقة. وكانت غْلَافاتهم تُبْرُڨ. أنِي ما جِبْتِش، عْلَاش مَا نِكْتِبْش قصّة وَحَدي، وخَطِّي سِمِح، آما ما تْجِيش قِصَّة بْخَطْ لِيدْ، وبِالسْتِيلُو ثَانَة. ما نْتِفَكَّرِش بالضبط كِيفَاش عرفْت الكَرْبُون، مِشِيت شِرِيت طبقة من مكتبة الكْرِيزِي، وشِرِيت كَرَّاسة تَصْوِير بْلَاش خْطُوط، نَحِّيت غْلَافْها، وحَطِّيت عَ الوُرقَة الأوْلى الكَرْبُون، وحَطِّيت فُوﭬه وُرْقَة مْتَاع كَرَّاسة عَاديَّة وكتبت اسمي، محمد ضيف الله، وتِحْتَه بخط كبير كِيمَا عناوين القصص: عَلِي وِلْد السُّلْطَان، الخُرَّافة الوحيدة اللّي نِعْرِفْها. كِي هَزّيت الكَرْبُون، ظُهْرَت تِحْتَه الكِتِيبَة سُودَا. كَمَّلِت نِكْتِب في القصّة مِ رَّاصِي، نْعَبّي فِي الأوراق الكُل. وما كُنْتِش مِتْأكِّد مِ الأغْلَاط اللِّي فِيها، رِجَعِت نْزِيد حرف يَاء للكلمات المَكْسُورَة. كِي نْهِز الكَرْبُون مَرّات اليَاء تْجِي مْوَاتَيَة ومرَّات أُوطَى وَإِلّا أعْلى مِ الكَلْمَة.
في إخّر العَام خذيت أوَّل جَايْزة بالفْرَنْصَوِيّة أعطاها لي سي الصَّحبي العُثماني وكَان عِنْوَانها "الفلُّوسْ لَزْرَڨ"، وهِي أوَّل كْتَاب نِمِلْكَه خَاطِي الكْتُب المدرسيّة.
في السنة الرابعة كان المُعلّم يْجِيب لْنَا مَجَلّة عِرْفَان، وكُنت نِشْرِيها ودُوب ما نُخْرُج مِ المَكْتَب نَبْدَا نَقْرَا فِيها، مَا نَلْفَى عَ الدّار حتّى نكون كمّلتها وقريت آش دار بُوطرْطُورة وكَمْبُو وعِرْفان. عَامْها مَا نِعْرِفِش كِيفَاش جَتْنِي فِكْرَة باش نقْرَا كتاب "القراءة الميسورة" كامل، حتَّى مِنْ أرْقَام الصَّفَحَات، وكُل وُرْقة نْكَمِّلْها كُنت نْنَتِّش شْوَيْ مِنْ حَاشَيَتْها من لُوطة.
كِي رَاهَا سِي مُصطفى النَّايِب، ﭬال لي علاش إعْمِلْت له هِكّه الكتاب، ما عرفتش آش نـﭬوله، ﭬال لي: أُوﭬِف، وِﭬَفْت، بَرْشَمْنِي بْكَفْ، الكفّ الوحيد اللِّي كليته في المَكْتَب. في إِخِّر العام ﭬال لي سِي مُصطفى باش تْجِي في الحَفْلة المدرسية عِنْدَك جَايْزَة. نهار مِشْ عادي، لْبِسْت لَه كِدْوَارة الطُّهُور، كِي تْجَمَّعْنا ﭬِدّام بِيرُو المُدير سِي عَلِي ميلود، جَانِي مُعلّم الفرنصوية، ﭬال لي: لاش جيت إنْتَ؟ ﭬُتْ لَه: عِنْدِي جَايْزَة. ﭬَال لِّي: لا مَا عِنْدَكِش. رَوَّحِت. في الثنية ﭬُلت لروحي: المعلم ما عِجْبَتَاش الكِدْوَارة هَاذَاك علاش ﭬالي ما عِنْدَكِش جايزة.
في الخامسة، أعطاني سي محمّد زَغَدُود جايزة، قِصَّة عِنْوَانْها "الحاسدتان" لكامل كيلاني، وهي أول كتاب نِمِلْكَه بالعَرْبِي، وكِيف أعْطَاهُولِي، ﭬات لَه لَيْلى، واحْدة مِنْ بِنَات القِسْم، عَلَاش هُوَ تَعْطِيه جَايْزَة وأنِي لا؟ ﭬالِلْها إِنْتِ تِرَاجَعْتِ فِي الامتحان الإخْرَانِي. مِ اللّي خذوا جوايز ياسْمِينة حمّادي (تخرّجت طبيبة)، ولَمْجَد الشِّتْوِي، (أستاذ الرياضيات).