هل حدث عند أصحابه والقائمين به وداعميه، بحجم ما وقع في 25 جويلية 2021، يمكن أن تمر ذكراه في صمت؟ نتذكرهم وهم يفاخرون بأنهم هم صانعوه. اختفوا تماما، كما لو أنهم يشعرون بأنهم يتحملون ما يعانيه الشعب هذه الأيام.
تصوروا أحداثا مثله في بلدان أخرى، وفي أزمان أخرى، فيها ما اعتبر ثورة، وفيها ما اعتبر تصحيح مسار، بل وفيها ما سمي عيدا وطنيا، غير أن ذكرى يوم 25 الثانية مرت، مثل اليوم سابقه ومثل اليوم الأسبق منه، لم يحظ حتى ببيان يذكر الناس به، لم يحتفل به أحد من "الشعب الذي يريد"..
وحتى تلك النسبة القليلة من الذين صوتوا لدستوره أو لبرلمانه، لم تحتفل بذكراه. ولم يحتفل به أحد من المزمرين. ولا أحد من الأحزاب الداعمة احتفلت بهذه الذكرى، وأحجمت عن إصدار ولو بيان المجموعات القومية من حركة الشعب أو التيار الشعبي ومن اليسار من الوطد الموحد الرحوي وحزب الوطد البريكي. كلهم التزموا الصمت، كما لو أنهم أجمعوا على ذلك، على أنه لا يستحق حتى مجرد بيان، يذكرون فيه بمطالبهم الحزبية التي رأينا مثلها غداة 25 وخلال الحملات الانتخابية.
في المقابل، أحزاب المعارضة التي لم تتفق على شيء، أصدرت بالمناسبة بيانات اعتبرت ما وقع يومها انقلابا على الإرادة الشعبية، وعلى الشرعية، وعلى دستور 2014، وأنه يمثل "دكتاتورية أتت لوأد الديمقراطية" و"العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد"، وأنه جاء لتقسيم الشعب وبث مشاعر الكراهية والحقد والشماتة، وإرساء "مناخ قمعي يستهدف إسكات المعارضين السياسيين". إلى جانب النتائج المدمرة التي تسبب فيها والفشل الذريع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، من غلاء الأسعار والطوابير أمام المخابز، ونقص المواد الأساسية.
وبالإضافة إلى ذلك تظاهر في الذكرى الثانية للانقلاب رغم اليوم القائظ جبهة الخلاص بمكوناتها، والتيار والجمهوري، ورغم عدم اتفاقهم فقد رفعوا نفس الشعار "يسقط الانقلاب"، حريات حريات، لا قضاء التعليمات"، "زاد الفقر زاد الجوع"، "دولة البوليس وفات"، "يسقط يسقط قيس سعيد"…
ذكرى يوم مرت كما لو أنه عار، يتفصى منه داعموه، بعد أن تراجع عنه في الأثناء بعض أولئك الذين هيؤوا الأجواء له وحرضوا عليه، وهنؤوا أنفسهم به. نعم تراجعوا، ورأيناهم اليوم يتظاهرون ضده، كما لو أنهم وقفوا يوم وقوعه أمام الدبابة.
كان ذكرى يوم لم يحتفل بها ولا بإنجازاته أحد، كما لو أنه عار.