دعك من المواقف الثورية والمبدئية والتعايش والتواضع، ففي القاع يوجد استئصاليون مثل عبير موسي وأكثر، رافضون للتعايش، متعنتون وعدائيون مثلها وأكثر، يتشاركون معها في ثقافتها، وفي مواقفها لكن في أحزاب غير حزبها، ودون أن يكون لهم ماضيها، وإنما هم يدّعون الثورية، ويحتكرون الوطنية والمواقف المبدئية.
دعكم من عبير موسي ففي قاع الأحزاب الثورية ما هو أسوأ منها، لا أتكلم هنا عن القيادات التي تظهر في البلاتوهات وتخاطب الجمهور بلغة الدفاع عن الجمهور والوطن والعقل والمنطق، وإنما بين جمهورها ما هو أسوأ من عبير موسي، وما يصدر عنهم ينذر في حده الأدنى بحروب أهلية تدوم قرونا وقرونا ولا تنتهي.
حقيقة الأحزاب قد لا نجدها في ما يظهر منها على البلاتوهات، من قياديين في ثياب جميلة ينطقون بخطاب جميل، وإنما حقيقتها الحقيقية هي ما يوجد في الصفوف التي تقف وراء أولئك القياديين، فتلك الصفوف هي الاختبار الحقيقي لما يقولونه أمامنا، بل أن تلك الصفوف هي التي تتحكم فيهم وتوجههم وتؤثر عليهم في آخر المطاف، حتى أنهم يخشون غضبها وسخطها عليهم.
بين تلك الصفوف يمكنك أن تتلمس بيسر المستوى السياسي لأتباع أولئك القادة. فبينها فاقدون للحد الأدنى من العقلانية، إطلاقيون جاهلون بالنسبية، ناكرون لقيم التعايش والسلمية، مدججون بالعنف والحقد والبغضاء. وإلا فما معنى أن ينعتوا غيرهم من محاوريهم بالصهاينة؟ وما معنى أن يتهددونهم بالسحل والسجن والقتل؟ وماذا ينتظرون أن يُقابلوا به؟
أيها القادة، دعكم منا، اهتموا بأنصاركم، فهم الذين يستحقون أن تدعوهم إلى التحلي بالكلام الجميل الذي يخرج من أفواهكم، ولسنا متأكدين إن كنتم تؤمنون به بالفعل، ولكن الأكيد بأن أتباعكم لا يؤمنون بما تقولون. وما يصدر عنهم لا يسهم في بناء وطن حر ولا متقدم ولا قوي ولا سيّد.