الذين ساندوا بن علي في انقلابه الطبي يوم 7 نوفمبر 1987، أعطوني واحدا منهم، لقي حظوته عنده على قدر انتظاره، أو ينتظر أن يسجله التاريخ في صفحاته الناصعة. أكثر من ذلك هل نجد ضمنهم أو من بين أبنائهم من يتشرف بما فعل آباؤهم في مساندة "صانع التحول المبارك"، أو حتى يعترف بأنه ساند بن علي أو صفق له أو ناشده. هكذا كان فعلهم في التاريخ مجرد درجات وطأها.
تتذكرون الشباب في نشرات الأخبار وهم في الشوارع يهتفون "الشباب بن علي، الشباب بن علي"، والنساء هاتفات "الله أحد، الله أحد، بن علي ما كيفو حد". بقي شعاراتهم لعنات تلاحقهم حتى وإن أنكروها أو كابروا.
تتذكرون الألف مناشد من محامين ومحاميات وأطباء وطبيبات ورجال ونساء أعمال وتعليم وإعلام وطلبة وطالبات الخ. أعطوني واحدا منهم لا ينكر أن الاسم الوارد ضمن المناشدين هو اسمه.
كذلك الأحزاب التي ساندت بن علي، ليبرالية، على اشتراكية على قومية عربية، فاستخدمها وقبضت رشاويه، مالا أو مناصب صغيرة، مقابل مواقف اتخذتها على المقاس، واستحقت من أجل ذلك لقب الأحزاب الكرتونية، أحزاب بهياكلها وقياداتها ومقراتها وجرائدها ومؤتمراتها وخطبها وبياناتها، هل بقي منها واحد على قيد الحياة؟
أعطوني موقفا واحدا اتخذته دون تأشيرة من البوليس الذي كان يخترقها ويتحكم في قراراتها، ولن يذكر لها التاريخ في صفحاته سوى مساندتها للمخلوع، ومع ذلك فهي تشاركه المسؤولية في إقامة هيكل الاستبداد الذي أرسي على الجماجم والدموع والأوجاع، وساهمت معه ومثله في استدامة التخلف وتأخير التحاق شعبنا بحركة التاريخ. وهي لذلك تستحق لعنة التاريخ.