الكثير من تدويناتي في الشأن العام لا تلفت أي اهتمام، لا أتحدث فقط عن التعليقات وإنما هي لا تحظى في الكثير من الأحيان حتى بالتفاعل معها ولو بالغضب أو حتى السخرية. لا مشكل عندي حقيقة، رغم أني عندما ألتقي ببعض من الأصدقاء الفيسبوكيين يذكرون لي بأنهم حريصون على متابعة ما أكتب، حتى وإن لم يظهر ذلك على التدوينات. لا مشكل قلت. ولا يهمني إن شاركني الكثير الرأي أو لم يشاركوني. فأنا لست داعية حزبيا أو مذهبيا، يكفيني أن أمارس ما لم يكن متاحا قبل الثورة، أن أعبر بحرية.
إلا أني لاحظت أن التفاعل مع ما تدويناتي اختلف عندما تعلق موضوعها بالرياضة. بطبيعة الحال الكثير من الأصدقاء لم يعجبهم ذلك، حتى أن أحدهم علق ساخرا بالحرف الواحد "هيا شباب كل واحد ينفخ كورته لنقارع لنحارب"، آخرون بالتأكيد صمتوا، ورأيهم لا يختلف كثيرا عن صاحب ذلك التعليق. تحملوا نزواتنا الشبابية أيها الأصدقاء،. نحن في عصر الصورة والكورة.
والدليل على ذلك سيل التفاعلات مع تدويناتي الرياضية، مقابل الكساد الذي تلقاه تدويناتي في الشأن العام ولا شك أن الفارق يدل على أن الرياضة تحظى باهتمام واسع أو أوسع بالتأكيد مما يحظى به الاهتمام بالشأن العام. ربما هذا تقليد نوفمبري، عندما كان الناس والمنشطون في القنوات التلفزية لا يتكلمون بحرية إلا عن الرياضة والأحوال الجوية.
الرياضة كانت من الركائز التي مكنت المنظومة النوفمبرية من البقاء، ولا شك أن هزّها قد بدأ قبل الشوارع على مدارج الملاعب، ونتذكر هنا المواجهات التي جرت بين الجمهور والشرطة في مقابلة الترجي وحمام الأنف الشهيرة في أفريل 2010 قبل ثمانية أشهر فقط من اندلاع ثورة 17 ديسمبر من نفس السنة.
بعد 2011 القليل من السياسيين المستجدين على المشهد انتبهوا إلى وزن الرياضة، المهدي بن غربية في بنزرت وسليم الرياحي في الإفريقي ومحمود البارودي في قرمبالية، وعكسهم تماما أورد المرزوقي اسم الترجي في الكتاب الأسود، دون هيئات النوادي الأخرى التي كانت في أحضان التجمع الدستوري أو حتى في مرمى الطرابلسية أنفسهم، ولم تفوت للمنظومة القديمة الفرصة لشحن الجمهور الرياضي.
وبالفعل فالرياضة هي إحدى البوابات التي تسللت منها برفق المنظومة القديمة، وهي كذلك من الرهانات التي تدخرها للمواعيد القادمة، وقد رأينا المنذر الزنايدي على منصة الترجي في الاحتفال بالمئوية، ونتابع الإشارات اللطيفة من يوسف الشاهد باتجاه النادي الإفريقي بعد أن ترك له المجال سليم الرياحي. وينتصب على رأس النجم الساحلي والنادي الصفاقسي عضوان قياديان في نداء تونس، رضا شرف الدين ومنصف خماخم.
غيرهم غرقى في سباخ أخرى، فيهم من لا تعني الرياضة لهم شيئا يذكر، وفيهم من يعتبرها وسيلة لتهميش الشباب لا تفجير طاقاته.