الفلسطينيون يمارسون الإرهاب، وأما الإسرائيليون فهم يدافعون عن أنفسهم. هذا ملخص الموقف الأمريكي، ربما بكلمات مختلفة لكن هذا هو المعنى. وهنا فلسنا سياسيين أو نمارس الدبلوماسية حتى نميز بين الجواب والقرار في صوت الأمريكي عندما يتكلم، مادام المعنى واحد، وهو دعوة الفلسطينيين إلى الاستسلام والتسليم في أرضهم.
بطبيعة الحال، مصالحهم هي الأصل في مثل ذلك الموقف، ولا ننتظر من مستثمر في شركة أن يتصرف بصفة مختلفة، وعلى كل فلولا الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني لما ضمنوا تبعية الدول العربية لهم مع ما يعنيه ذلك من تدفق النفط لفائدتهم، إلا أن الازدواجية عندما تكون فاقعة بهذا الشكل، فهي تفقد أي معنى للمصلحة وبالنتيجة فلا تأثير لها على الواقع. فلا الفلسطينيون مستعدون للتسليم في قضيتهم من أجل أن لا تعتبرهم الولايات المتحدة إرهابيين، ولا الصهاينة يمكن أن يشعروا بالأمان ماداموا قد اختاروا إقامة دولتهم في جغرافيا مثل التي نعرفها وبتاريخ لم يأخذوه بعين الاعتبار.
تلك الازدواجية نفسها نجدها في المواقف الغربية، فقط بإخراج مختلف، بطبيعة الحال دعنا من ناشطين هنا أو هناك أو حتى مواقف أحزاب وشخصيات اعتبارية، بما في ذلك في أمريكا نفسها، إلا أن الازدواجية هي نفسها، فالفلسطيني كان ومازال ينعت بالإرهاب، فقط تغيرت المنظمات التي توصم بالإرهابية، من فتح وصولا إلى حماس والجهاد، مرورا بالجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرها من المنظمات الفلسطينية. وفي المقابل فالصهيوني مازال ينظر إليه على أنه ذلك اليهودي الذي تعرض للإبادة بين ظهرانيهم.
تلك الازدواجية لا تأثير لها على أرض الواقع مادامت تعطي الحق للقوي ليستعمل قوته، وتغمط حق الضعيف في الدفاع عن نفسه. وهي بالتالي دعوة له لامتلاك القوة إن شاء أن ينتصر لنفسه ولقضيته، ويبدو أن الفلسطينيين فهموا ذلك تماما، ويكفي المقارنة بين قدراتهم خلال المواجهات التي جرت منذ الانتفاضة الأولى إلى حد الآن، وليس أمامهم إلا أن تنقلب الكفة لفائدتهم.
أيضا، فهذه الازدواجية الأمريكية وما شابهها تعري تماما الشعارات التي طالما استعملت حول حقوق الإنسان، بل أكثر من ذلك هي تضرب بعمق الأساس الأخلاقي الذي يرجعون إليه وصدقية القيم التي يدعون تبنيها. لن نصدقهم، بل يبدو لنا أنهم لا يصدقون أنفسهم.