نعم له ليس فضل واحد وإنما أفضال قد يغيب عنا بعضها الآن والأكيد ستنكشف في وقتها. ومن الممكن أن نقدم جردة ميَسّرة عليها، من بينها أنه كشف الكثير من المزيفين ممن كانوا يظهرون أنفسهم فرسان الكلمة، وأنهم إعلاميون أحرار وشجعان وحرفيون، فأظهر من حيث لا يريد -ربما- أنهم مجرد لحّاسة مستعدون لوهب أنفسهم مجانا للدفاع عن الحاكم حتى وإن كان ظالما، لا يهم، وأنهم أبعد ما يكونون عن المهنية.
كما كشف الانقلاب الكثير ممن كانوا يدّعون، وانطلت ادعاءاتهم على الجميع قبل الانقلاب، أنهم ديمقراطيون، أحزاب وزعامات كانوا يدّعون ذلك فإذا بهم يؤيدون الانقلاب وبحماس، ومن يؤيد الانقلاب لا يكون إلا انقلابيا، وهم قابلون بنظام شمولي قروسطي حتى. لا تهمهم مؤسسات الدولة ،ولا دستور، ولا ديمقراطية، ولا حرية ولا قيم المواطنة، طز فيها جميعا عندهم.
من أفضال الانقلاب أيضا أنه فتح الباب لتجديد النخبة السياسية، فالذين يقودون الشارع اليوم بوجودهم وأفكارهم وألسنتهم وأقلامهم، هم النخبة الجديدة التي ستتولى الأمر ولو بعد حين، هذا مؤكد، هكذا هو التاريخ.، ولسنا بصدد الإقناع باكتشاف العجلة من جديد. نحن الآن بصدد التعرف على النخبة السياسية الجديدة للدولة التونسية الديمقراطية.
من أفضال الانقلاب أيضا أنه وحّد المُهج ضدّه، من أفكار مختلفة وأجيال مختلفة، وانتماءات مختلفة، كانت بينها حواجز، تراهم اليوم على نفس الإيقاع، مواطنون ضد الانقلاب، وبالفعل فمن المفروض أن الوطن جمّاع، وعندما يتحول إلى وطن البعض دون البعض فهذا لا يسمى وطنا وإنما زريبة خاصة.
من أفضال الانقلاب أنه كشف تعاسة الانقلابات، ولكم أن تتصوروا أن شعوبا عربية شقيقة عاشت ومازالت تعيش منذ ما يقرب من قرن في ظل أنظمة مثل الذي نرى وأتعس تحت حاكم شبيه بالإلاه وما هو هو، في استقالة تامة من تلك الشعوب، وهو سبب كاف لتفسير ما تعيشه اليوم من تخلف رغم ما لديها من إمكانيات مادية وبشرية.
الانقلاب -وكدت أقول المبارك- يكشف عن أفضال شتى. ولأنه كذلك فهو يدفعنا إلى أن نقف ضده، كلنا مواطنون ضد الانقلاب.