من الصور التي سيحتفظ بها التاريخ لتجمع 3 أكتوبر، ما سماها المشاركون بقائمة الخونة التي تتضمن عدة أسماء لمعارضين كتبت بالخط الغليظ، ومثل هذه "القائمة السوداء" التي رفعت أمام الجمهور تعني التحريض عليهم وعلى ذويهم بما قد يؤدي إلى سفك دمائهم ماداموا "خونة".
ومع ذلك، لم يعلق على هذه القائمة الإعلام، ولم أسمع أحدا من المشاركين في الوقفة، أحزابا وقيادات، يعلن التنديد بوضعها أو التنصل منها أو حتى التعليق عليها. رئيس الجمهورية نفسه لم يعلّق على تلك القائمة، وكأنها تفسير للفظة "الخونة" التي طالما تتردد على لسانه.
ما يجمع بين "الخونة" الواردة أسماؤهم في القائمة، هو أنهم قاوموا النظام النوفمبري وتعرضوا لقمعه ومحاكماته وسجونه، وذلك كاف للتدليل على واضعيها، وهم فُلول التّجمع المنحل، قوّادة الشُّعب. وهم يحمّلون في الظاهر أولئك "الخونة" الوقوف ضد قيس سعيد، وبالفعل هم يعاقبونهم لوقوفهم ضد المخلوع والثورة عليه.
واضح أن فلول التجمع هم أهم جمهور مساند لرئيس الجمهورية، وهم العمود الفقري اليوم "للجبهة القومية" التي تكونت حوله. أما بقية مكوناتها فهي: قوميون (ليسوا كلهم)، الكثير من الوطد، بعض نقابات البوليسية (التي دعت للتظاهر). وللتذكير فهذه المكونات كانت في نفس الجبهة التي دعّمت المخلوع في مطلع التسعينات، والتي تشكلت من أحزاب كرتونية من بينها حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي (القومي)، والوطد في خلايا التفكير. والنتيجة كانت الانحراف بالبلاد نحو الاستبداد. لم ننس هذا.
الواردة أسماؤهم في "قائمة الخونة" التي رفعت في تجمع 3 أكتوبر، تذكّر بالتاريخ أيضا فمكوّناتها هي التي صنعت حركة 18 أكتوبر التي هرّأت النظام النوفمبري.